في تلك الأيام، كانت أرض مصر تعيش في سلام ظاهري، لكن قلوب شعبها كانت مليئة بالقلق والاضطراب. كانت مصر، تلك الأرض العظيمة التي كانت تُعتبر مهد الحضارة، تمر بفترة من التغييرات الكبيرة. كان الرب قد أعلن من خلال النبي إشعياء عن رسالة قوية ستغير مصير مصر إلى الأبد.
بدأت القصة في مدينة منف، العاصمة القديمة لمصر، حيث كان الفرعون يجلس على عرشه محاطًا بكهنة الآلهة المصرية وقادته العسكريين. كان الجو مشحونًا بالتوتر، فقد وصلت أنباء عن اقتراب جيش آشوري قوي من حدود مصر. كان الفرعون يحاول أن يظهر القوة، لكن قلبه كان يخفق خوفًا من المستقبل المجهول.
وفي تلك الأيام، كان الرب يتكلم مع النبي إشعياء في أرض يهوذا. قال الرب لإشعياء: “هأنذا راكب على سحابة سريعة وأدخل مصر. فترتعب أصنام مصر من وجهي، ويذوب قلب مصر في داخلها.” كانت كلمات الرب قوية ومليئة بالسلطان، فقد كان الرب يعلن عن تدخله المباشر في شؤون مصر.
وبينما كان إشعياء يتلقى هذه الرسالة، كانت أحداث عظيمة تحدث في مصر. بدأت السحب السوداء تتجمع في السماء، وبدأت الرياح العاتية تهب على الأرض. كان الرب يركب على سحابة سريعة، كما قال، وكانت قوته تملأ الجو. بدأ الشعب المصري يشعر بالرعب، فقد كانت أصنامهم التي عبدوها لقرون عديدة تتهاوى أمام قوة الرب. كانت تماثيل الآلهة المصرية، مثل آمون ورع، تسقط من على قواعدها، وكان الكهنة يصرخون في ذعر.
وفي وسط هذا الاضطراب، بدأ الشعب المصري يدرك أن آلهتهم ليست سوى حجارة صماء لا تستطيع أن تنقذهم. قال الرب: “وأُثير مصريين على مصريين، فيحارب كل واحد أخاه، وكل واحد صاحبه، مدينة على مدينة، ومملكة على مملكة.” وبدأت الفوضى تعم أرض مصر، فقد تحولت المدن المصرية إلى ساحات قتال، حيث كان الأخ يحارب أخاه، والصديق يهاجم صديقه.
وفي تلك الأثناء، كان الفرعون يحاول أن يجمع قواته لمواجهة التهديد الآشوري، لكنه وجد نفسه عاجزًا أمام الفوضى الداخلية. كانت مصر، تلك الأرض القوية، تتحول إلى أرض ضعيفة ومقسومة. قال الرب: “وتنشف مياه البحر، ويجف النهر، وتنتن الأنهار.” وبدأ نهر النيل، شريان الحياة لمصر، يجف تدريجيًا. كانت المياه التي كانت تروي الأرض وتجعلها خصبة تختفي، والأسماك التي كانت تعيش في النهر تموت، وتصبح المياه راكدة ونتنة.
كان الشعب المصري يعاني من الجوع والعطش، فقد كانت المحاصيل تذبل بسبب نقص المياه، وكانت الحيوانات تموت بسبب العطش. قال الرب: “ويخزى صناع الكتان المدبوغ، والحائكون البيض.” وكانت الصناعات المصرية، مثل صناعة الكتان، تتعرض للانهيار. كان الحائكون والصناع يبكون على خراب أعمالهم، فقد كانت تجارتهم تتدمر أمام أعينهم.
وفي وسط هذا الخراب، بدأ بعض المصريين يلتفتون إلى الرب. قال الرب: “في ذلك اليوم يكون مذبح للرب في وسط أرض مصر، وعمود للرب عند تخمها.” وكان الرب يعد بأنه سيكون هناك يوم يعترف فيه المصريون بقوته ويبنون مذبحًا له. كان هذا الوعد بمثابة بصيص أمل في وسط الظلام.
وبعد فترة من الزمن، بدأت الأمور تتغير في مصر. فقد بدأ بعض المصريين يبحثون عن الرب ويتضرعون إليه. قال الرب: “ويعرف المصريون الرب في ذلك اليوم، ويقدمون ذبيحة وتقدمة، وينذرون نذرًا للرب ويوفون به.” وكانت هذه علامة على أن قلوب بعض المصريين بدأت تتجه نحو الرب الحقيقي.
وفي النهاية، قال الرب: “ويضرب الرب مصر ضاربًا فشافيًا، فيرجعون إلى الرب فيستجيب لهم ويشفيهم.” وكان الرب يعد بأنه بعد أن يضرب مصر بالدينونة، سيشفيها ويعيدها إليه. كانت هذه الرسالة بمثابة وعد بالخلاص والرجاء لمصر.
وهكذا، كانت قصة مصر في أيام إشعياء قصة تحول من الفوضى والخراب إلى الرجاء والشفاء. كانت رسالة الرب واضحة: فهو الذي يملك القوة لتدمير الأمم، وهو أيضًا الذي يملك القوة لشفائها وإعادتها إليه. وكانت مصر، تلك الأرض العظيمة، تتعلم درسًا قويًا عن قوة الرب ورحمته.