في الأيام التي كان فيها شاول ملكًا على إسرائيل، كانت الحرب مشتعلة بين بني إسرائيل والفلسطينيين. وكان يوناثان، ابن شاول، شابًا شجاعًا ومليئًا بالإيمان بالرب. وفي يوم من الأيام، قال يوناثان للغلام الذي يحمل سلاحه: “هلم نصعد إلى موقع الحراسة الذي للفلسطينيين، ربما يعمل الرب معنا، لأن الرب ليس مقيدًا أن يخلص بالكثير أو بالقليل.”
فأجاب الغلام: “افعل كل ما في قلبك. تقدم، ها أنا معك حيثما تذهب.” فقال يوناثان: “هوذا نصعد إليهم، ونظهر أنفسنا لهم. إن قالوا لنا: أقفوا حتى نأتي إليكم، نقف في مكاننا ولا نصعد إليهم. ولكن إن قالوا: اصعدوا إلينا، نصعد، لأن الرب قد دفعهم ليدنا، وهذه تكون لنا العلامة.”
فلما ظهر الاثنان لموقع الحراسة الفلسطيني، قال الفلسطينيون: “هوذا العبرانيون يخرجون من الجحور التي اختبأوا فيها.” فنادوا يوناثان وحامل سلاحه وقالوا: “اصعدوا إلينا فنعلمكم أمرًا.” فقال يوناثان لحامل سلاحه: “اصعد ورائي، لأن الرب قد دفعهم ليد إسرائيل.”
فصعد يوناثان يتسلق على يديه ورجليه، وحامل سلاحه وراءه. فسقطوا أمام يوناثان، وحامل سلاحه كان يقتل من ورائه. وكانت الضربة الأولى التي ضربها يوناثان وحامل سلاحه نحو عشرين رجلًا، في مساحة نصف فدان من الأرض. فارتعدت الأرض فكانت رعدة من الله.
وكان شاول ورجاله في أقصى الجبل، ينظرون إلى ما يحدث. وإذا بالجيش الفلسطيني يتراجع ويضطرب، حتى أن الحراس الذين كانوا يحرسون المعسكر بدأوا يفرون. فلما نظر شاول ورجاله، رأوا أن الفلسطينيين يضرب بعضهم بعضًا، وبدأوا يهربون في كل اتجاه.
فقال شاول للشعب الذي معه: “احصوا الآن وانظروا من ذهب منا.” فحصوا الشعب، فإذا بيوناثان وحامل سلاحه ليسا موجودين. فقال شاول لأخيا الكاهن: “قدِّم تابوت الله.” لأن تابوت الله كان في ذلك اليوم مع بني إسرائيل. وبينما كان شاول يتكلم مع الكاهن، ازداد اضطراب الفلسطينيين، فقال شاول للكاهن: “ارفع يدك.”
ثم اجتمع شاول وجميع الشعب الذين معه، وذهبوا إلى القتال. وإذا بكل رجل من الفلسطينيين كان يضرب صاحبه، وكانت هزيمة عظيمة. وكان العبرانيون الذين كانوا مع الفلسطينيين في المعسكر من قبل، قد انقلبوا ليكونوا مع إسرائيل. ورجع جميع رجال إسرائيل الذين كانوا قد اختبأوا في جبل أفرايم، فلما سمعوا أن الفلسطينيين هربوا، لحقوا بهم في القتال.
وهكذا خلص الرب إسرائيل في ذلك اليوم، وامتدت الحرب إلى ما بعد بيت آفين. وكان شاول قد حلف على الشعب قائلًا: “ملعون الرجل الذي يأكل طعامًا قبل المساء، حتى أنتقم من أعدائي.” فلم يذق أحد من الشعب طعامًا.
وكان يوناثان لم يسمع بقسم أبيه، فمد طرف العصا التي بيده وغمسها في شهد النحل، ورد يده إلى فمه، فاستنارت عيناه. فقال له واحد من الشعب: “أبوك قد حلف على الشعب قائلًا: ملعون الرجل الذي يأكل طعامًا اليوم.” فقال يوناثان: “أبي قد أزعج الأرض. انظروا كيف استنارت عيناي لأني ذقت قليلًا من هذا العسل. لو أكل الشعب اليوم من غنيمة أعدائهم، ألم تكن الضربة على الفلسطينيين أعظم؟”
وفي ذلك اليوم ضرب إسرائيل الفلسطينيين من مخماس إلى أيالون، وكان الشعب قد تعب جدًا. فأسرع الشعب إلى الغنيمة، وأخذوا غنمًا وبقرًا وعجولًا، وذبحوها على الأرض، وأكل الشعب مع الدم. فأخبروا شاول قائلين: “هوذا الشعب يخطئ إلى الرب بأكلهم مع الدم.” فقال: “قد غدرتم. دحرجوا إليّ الآن حجرًا عظيمًا.” ثم قال شاول: “انتشروا بين الشعب وقولوا لهم: يقرب كل واحد ثوره وكل واحد شاته، ويذبح هنا، ولا تخطئوا إلى الرب بأكل مع الدم.” فأتى كل واحد من الشعب بثوره بيده تلك الليلة، وذبحوا هناك.
وبنى شاول مذبحًا للرب. هذا كان أول مذبح بناه للرب. ثم قال شاول: “لنهبط وراء الفلسطينيين ليلًا، وننهبهم حتى الصباح، ولا نترك منهم أحدًا.” فقالوا: “افعل كل ما حسن في عينيك.” فقال الكاهن: “لنتقدم إلى هنا إلى الله.” فسأل شاول الله: “أأنزل وراء الفلسطينيين؟ أتدفعهم ليد إسرائيل؟” فلم يجبه في ذلك اليوم. فقال شاول: “تقدموا إلى هنا يا جميع أ corners الشعب، واعلموا وانظروا كيف حدث هذا الخطأ اليوم. لأنه حيٌّ هو الرب المخلّص إسرائيل، أنه وإن كان في يوناثان ابني فإنه يموت موتًا.” فلم يجب من كل الشعب أحد.
فقال شاول: “ألقوا القرعة بيني وبين يوناثان ابني.” فأخذ يوناثان. فقال شاول ليوناثان: “أخبرني ماذا عملت.” فأخبره يوناثان وقال: “ذقت قليلًا من العسل بطرف العصا التي بيدي. ها أنا أموت.” فقال شاول: “يفعل الله هكذا ويفعل هكذا، لأنك مت موتًا يا يوناثان.”
فقال الشعب لشاول: “أيموت يوناثان الذي عمل هذا الخلاص العظيم في إسرائيل؟ حاشا! حيٌّ هو الرب، أنه لا يسقط من شعره إلى الأرض، لأنه عمل هذا اليوم مع الله.” ففدى الشعب يوناثان فلم يمت.
ثم صعد شاول من وراء الفلسطينيين، والفلسطينيون ذهبوا إلى مكانهم. وأخذ شاول الملك على إسرائيل، وحارب جميع أعدائه حواليًا: موآب وعمون وأدوم وملوك صوبة والفلسطينيين. وحيثما توجه غلب. وكان يصنع جبروتًا ويضرب العماليق، ونجّى إسرائيل من أيدي ناهبيهم.