في الأيام التي لم يكن فيها ملك في إسرائيل، وكان كل واحد يعمل ما يحسن في عينيه، كان هناك رجل من سبط دان اسمه ميخا. سكن ميخا في جبل أفرايم، وكان قد صنع لنفسه تمثالًا منحوتًا ومسبوكًا من الفضة، وأقامه في بيته. وكان لديه بيت آلهة، وصنع أفودًا وترافيم، وملأ يده ليكون كاهنًا لآلهته.
وفي تلك الأيام، كان سبط دان يطلب لنفسه ميراثًا للسكنى، لأنه لم يكن قد نال بعد نصيبه بين أسباط إسرائيل. فأرسل بنو دان من عشيرتهم خمسة رجال من حدهم، وهم رجال أشداء، من صرعة وأشتأول، ليتجسسوا الأرض ويستكشفوها. فقال لهم: “اذهبوا واستكشفوا الأرض.” فجاءوا إلى جبل أفرايم، إلى بيت ميخا، وباتوا هناك.
وكانوا قريبين من بيت ميخا، فعرفوا صوت الشاب اللاوي، الذي كان كاهنًا لبيت ميخا. فمالوا إليه وقالوا: “من أتى بك إلى هنا؟ وماذا تعمل في هذا المكان؟ وما لك هنا؟” فأجابهم الشاب: “هكذا وهكذا صنع لي ميخا، واستأجرني لأكون كاهنًا له.”
فقالوا له: “اسأل الله، لعلنا نعرف هل طريقنا الذي نسلكه ينجح.” فأجابهم الكاهن: “اذهبوا بسلام. أمام الرب طريقكم الذي تسلكونه.”
فمضى الخمسة رجال وجاءوا إلى لايش، ورأوا الشعب الذي فيها ساكنًا آمنًا، على طريقة الصيدونيين، هادئًا ومطمئنًا، وليس في الأرض من يخزيهم في شيء، وكانوا بعيدين عن الصيدونيين، وليس لهم أمر مع إنسان. ثم رجعوا إلى إخوتهم في صرعة وأشتأول، فقال لهم إخوتهم: “ماذا أنتم؟” فقالوا: “قوموا ولنصعد عليهم، لأننا قد رأينا الأرض، وإذا هي جيدة جدًا. وأنتم ساكنون صامتون. لا تتوانوا عن الذهاب لدخول الأرض وامتلاكها. إذا دخلتم تأتون إلى شعب مطمئن، والأرض واسعة الأطراف. فإن الله قد دفعها ليدكم، مكانًا ليس فيه عوز شيء من كل ما في الأرض.”
فحرّكوا من هناك من عشيرة الدانيين، من صرعة وأشتأول، ست مئة رجل متقلدين سلاح الحرب. فصعدوا ونزلوا في قرية يعاريم في يهوذا. لذلك دعوا ذلك المكان “محنة دان” إلى هذا اليوم. هوذا وراء قرية يعاريم. فمضوا من هناك إلى جبل أفرايم، وأتوا إلى بيت ميخا.
فقال الخمسة الرجال الذين ذهبوا ليتجسسوا أرض لايش لأخوتهم: “أتعلمون أنه يوجد في هذه البيوت أفود وترافيم وتمثال منحوت ومسبوك؟ فالآن اعلموا ماذا تعملون.” فمالوا إلى هناك، ودخلوا بيت الشاب اللاوي، بيت ميخا، وسألوه عن سلامته. وستمئة رجل المتقلدين سلاح الحرب، الذين هم من بني دان، وقفوا لدى باب الباب. وصعد الخمسة الرجال الذين ذهبوا ليتجسسوا الأرض، ودخلوا هناك، وأخذوا التمثال المنحوت والأفود والترافيم والتمثال المسبوك. وكان الكاهن واقفًا لدى باب الباب، والستمئة رجل المتقلدين سلاح الحرب.
فهؤلاء دخلوا بيت ميخا وأخذوا التمثال المنحوت والأفود والترافيم والتمثال المسبوك. فقال لهم الكاهن: “ماذا أنتم عاملون؟” فقالوا له: “اسكت. ضع يدك على فمك، واذهب معنا، وكن لنا أبًا وكاهنًا. أأحسن أن تكون كاهنًا لبيت رجل واحد، أم أن تكون كاهنًا لسبط وعشيرة في إسرائيل؟” ففرح قلب الكاهن، وأخذ الأفود والترافيم والتمثال المنحوت، ومضى بين الشعب.
ثم تحولوا وذهبوا، ووضعوا الأطفال والمواشي والأمتعة أمامهم. وكانوا قد ابتعدوا عن بيت ميخا، والرجال الذين في البيوت التي بجانب بيت ميخا، تجمعوا وتبعوا بني دان، ونادوا إلى بني دان. فالتفتوا وقالوا لميخا: “ما لك أنك قد جمعت جمعًا؟” فقال: “أخذتم آلهتي التي صنعت، والكاهن، ومضيتم. فماذا لي بعد؟ وكيف تقولون لي: ماذا لك؟” فقال له بنو دان: “لا تسمع صوتك عندنا، لئلا يقع عليك رجال شداد النفس، فتسحب نفسك ونفس بيتك.”
فمضى بنو دان في طريقهم، ورأى ميخا أنهم أقوى منه، فرجع إلى بيته. وأما هم فأخذوا ما صنع ميخا، والكاهن الذي كان له، وجاءوا إلى لايش، إلى شعب هادئ ومطمئن، وضربوهم بحد السيف، وأحرقوا المدينة بالنار. ولم يكن من ينجي، لأنها كانت بعيدة عن صيدون، وليس لهم أمر مع إنسان. وكانت في وادٍ الذي لبيت رحوب. ثم بنوا المدينة وسكنوا فيها، ودعوا اسم المدينة “دان” باسم دان أبيهم، الذي ولد لإسرائيل. ولكن لايش هو الاسم الأول للمدينة.
وأقام بنو دان لأنفسهم التمثال المنحوت، ويهوناثان بن جرشوم بن موسى، هو وبنوه، كانوا كهنة لسبط الدانيين إلى يوم سبي الأرض. وجعلوا لأنفسهم تمثال ميخا المنحوت الذي صنعه، كل الأيام التي كان فيها بيت الله في شيلوه. وهكذا ضلّ بنو دان وراء الأصنام، ولم يعودوا يطلبون وجه الرب، بل اتكلوا على آلهة صنعوها بأيديهم. وكان هذا شرًا عظيمًا في عيني الرب، لأنهم تركوا طريق آبائهم وساروا في طريق الضلال.