في قديم الزمان، في أرض يهوذا المباركة، كان هناك رجل عجوز يُدعى أليمالك. كان أليمالك رجلاً تقياً، عاش حياته كلها في عبادة الرب وإكرامه. منذ صغره، تعلم أن يتكل على الله في كل شيء، وكان دائم التضرع والصلاة. ومع تقدم السن، ازدادت تجاربه مع الرب، وأصبح يشعر بحضور الله القوي في حياته أكثر من أي وقت مضى.
في أحد الأيام، بينما كان أليمالك جالساً تحت شجرة زيتون كبيرة قرب بيته، بدأ يتأمل في حياته الطويلة وكيف أن الرب كان معه في كل خطوة. تذكر كيف أنقذه الله من الأخطار الكثيرة التي واجهها في شبابه، وكيف كان ملجأه في أوقات الضيق. ففتح قلبه وبدأ يسبح الرب بصوت عالٍ، قائلاً:
“يا رب، فيك أحتمي، فلا أخزى إلى الأبد. أنقذني ببرك، وأمل أذنك إليّ وخلصني. كن لي صخرة حصينة ألجأ إليها دائماً. لأنك أنت صخرتي وحصني.”
كانت كلمات أليمالك تخرج من أعماق قلبه، وكأنها تلامس السماء. شعر بالسلام يغمره، وكأن الرب نفسه كان يجلس بجانبه تحت الشجرة. تذكر كيف أن الله كان معه منذ طفولته، وكيف علمه أن يثق به في كل شيء. فتابع قائلاً:
“منذ صغري، كنت أعتمد عليك، يا رب. من بطن أمي كنت مستنداً إليك، وأنت الذي أخرجتني من رحم أمي. فليكن تسبيحك دائماً على شفتي.”
كان أليمالك يعلم أن الله لم يتخل عنه أبداً، حتى في أصعب الأوقات. تذكر الأيام التي كان فيها محاطاً بالأعداء، الذين كانوا يتربصون به ليفتكوا به. لكن الرب كان ينقذه دائماً، ويجعل أعداءه يخزون. فرفع صوته مرة أخرى، قائلاً:
“يا رب، لقد صرت كمعجزة لكثيرين، لكنك أنت ملجأي القوي. فليمتلئ فمي من تسبيحك، ومن مجدك كل النهار. لا تطرحني في زمان الشيخوخة، ولا تتركني عندما تضعف قوتي.”
كان أليمالك يشعر بالضعف الجسدي الذي يأتي مع الشيخوخة، لكنه كان يعلم أن قوته الحقيقية تأتي من الرب. فطلب من الله أن يبقى معه، وأن يكون سنده في أيامه الأخيرة. وتابع قائلاً:
“لأن أعدائي يتكلمون عليّ، والذين يتربصون لنفسي يتشاورون معاً. يقولون: قد تركه الله. طاردوه واقتنصوه لأنه ليس من مُنقذ. يا الله، لا تبتعد عني. يا إلهي، أسرع إلى معونتي.”
كان أليمالك واثقاً من أن الله لن يتخلى عنه، حتى لو بدا أن العالم كله قد تخلى عنه. فرفع عينيه نحو السماء، وكأنه يرى مجد الله يحيط به. وتابع قائلاً:
“فليخزِ وليفنَ المُعاندون لي. ليُغطَ بالخزي والعار الذين يطلبون لي الشر. أما أنا فإني أرجو بالله كل حين، وأزيد على كل تسبيحك.”
كان أليمالك يعلم أن تسبيح الله هو سلاحه القوي. فقرر أن يعلن بر الله وعجائبه كل يوم، حتى لو كان العالم من حوله يبدو مظلماً. وتابع قائلاً:
“أخبر ببرك، وبخلاصك كل النهار، لأني لا أعرف عددها. أذكر قوات الرب، لأني أذكر برك وحدك يا الله.”
كان أليمالك يشعر بأن الله يدعوه ليكون شاهداً لقوته وعظمته. فقرر أن يروي للأجيال القادمة عن أعمال الله العظيمة في حياته. وتابع قائلاً:
“يا الله، علمني منذ صغري، وإلى الآن أُخبر بعجائبك. ولا تتركني حتى أُخبر الأجيال القادمة بقوتك، وكل من يأتي بعدي ببرك.”
كان أليمالك يعلم أن الله قد أعطاه رسالة، وهي أن يكون صوتاً لله في هذا العالم. فقرر أن يكرس أيامه الأخيرة لتمجيد الله وإعلان محبته للجميع. وتابع قائلاً:
“يا الله، قد عظمت بركتك يا الله. من مثلك العظيم يا الله؟ أنت الذي أرينا ضيقات كثيرة وشرور، فتعيدنا وتحينا. ومن أعماق الأرض تعود فترفعنا.”
كان أليمالك يشعر بأن الله قد رفعه من كل ضيقة، وأنه سيرفعه مرة أخرى. فقرر أن يثق في الله حتى النهاية، وأن يعلن مجده لكل من حوله. وتابع قائلاً:
“تزيد عظمتي وتعزيني مرة بعد مرة. لذلك أسبحك بالعود لحقيقتك يا الله، وأرنم لك بالعود يا قدوس إسرائيل. تهلل شفتاي عندما أرنم لك، وتهلل نفسي التي فديتها.”
كان أليمالك يشعر بالفرح الذي لا يُوصف، لأنه كان يعلم أن الله معه، وأنه لن يتخلى عنه أبداً. فقرر أن يعيش كل يوم من أيامه في تسبيح وتمجيد لله، حتى يأتي اليوم الذي يقف فيه أمام عرشه.
وهكذا، عاش أليمالك أيامه الأخيرة في سلام وفرح، وهو يعلم أن الله كان معه في كل خطوة. وكانت كلماته الأخيرة قبل أن يغمض عينيه إلى الأبد: “يا رب، أنت رجائي وثقتي منذ صغري. إلى الأبد أسبحك.”