الكتاب المقدس

سلالة آدم إلى نوح: رحلة الإيمان والخلاص

في البدء، بعد أن خلق الله السماوات والأرض، وخلق آدم وحواء، بدأت قصة الأجيال التي تلت آدم. هذه القصة مذكورة في سفر التكوين، الإصحاح الخامس، حيث نجد سردًا مفصلاً لسلالة آدم حتى نوح. دعونا نتعمق في هذه القصة بتفاصيلها الغنية ومعانيها الروحية العميقة.

كان آدم أول إنسان خلقه الله على الأرض. خلقه على صورته ومثاله، ونفخ فيه نسمة الحياة. عاش آدم تسعمائة وثلاثين سنة، وكانت حياته مليئة بالتجارب والبركات. بعد أن سقط في الخطيئة بسبب أكله من الشجرة المحرمة، عرف آدم وزوجته حواء الألم والتعب، لكن الله وعدهم بفداءٍ عظيمٍ من خلال نسل المرأة.

وُلِد لآدم وحواء ابنٌ اسمه قايين، ثم هابيل، ومن بعدهما شيث. كان شيث هو الابن الذي حل محل هابيل بعد أن قتله قايين. ومن شيث بدأت سلالة الأبرار التي سارت مع الله. وُلِد لشيث ابنٌ اسمه أنوش، وعاش شيث تسعمائة واثنتي عشرة سنة، وكانت حياته مليئة بالعبادة والشركة مع الله.

عاش أنوش تسعمائة وخمس سنوات، وكان ابنه قينان أول من دُعي باسم الرب بعد أن بدأ الناس يدعون باسم الله في أيامه. ومن قينان جاء ابنه مهللئيل، الذي عاش ثمانمائة وخمسًا وتسعين سنة. كان مهللئيل رجلاً صالحًا، سار في طرق الرب، وعلم أبناءه الخوف من الله وطاعته.

ثم جاء يارد، ابن مهللئيل، الذي عاش تسعمائة واثنتين وستين سنة. في أيام يارد، بدأ الناس يبتعدون عن الله، لكن يارد ظل أمينًا للرب، وسار في طريقه المستقيم. وُلِد ليارد ابنٌ اسمه أخنوخ، الذي كان رجلاً فريدًا في تاريخ البشرية.

أخنوخ كان رجلاً بارًا، سار مع الله بقلبٍ نقيٍ وإيمانٍ قوي. لم يكن أخنوخ مثل الآخرين؛ فقد عاش ثلاثمائة وخمسًا وستين سنة فقط، لكن حياته كانت مميزة. كان أخنوخ يسمع صوت الله ويتكلم معه بانتظام. وفي يومٍ من الأيام، بينما كان أخنوخ يسير مع الله، أخذه الله إليه ولم يعد يُرى على الأرض. لم يمت أخنوخ كسائر البشر، بل نقله الله إلى السماء بسبب إيمانه وتقواه. كان أخنوخ مثالاً حيًا للإنسان الذي يسير مع الله في وسط جيلٍ فاسد.

بعد أخنوخ، جاء ابنه متوشالح، الذي عاش أطول عمرٍ في التاريخ البشري، تسعمائة وتسعًا وستين سنة. كان متوشالح رجلاً صالحًا، وعاش في فترةٍ كانت الأرض تزداد فيها شرًا وفسادًا. ومع ذلك، ظل متوشالح أمينًا لله، وعلم أبناءه طريق الرب.

وُلِد لمتوشالح ابنٌ اسمه لامك، الذي عاش سبعمائة وسبعًا وسبعين سنة. كان لامك رجلاً يعمل في الأرض، وكان لديه ابنٌ اسمه نوح. في أيام لامك، كانت الأرض قد امتلأت بالشر والفساد، حتى أن الله حزن في قلبه لأنه خلق الإنسان. لكن في وسط هذا الفساد، كان نوح يجد نعمة في عيني الرب.

نوح كان رجلاً بارًا وكاملاً في أجياله، وسار مع الله كما فعل أخنوخ. كان نوح يستمع إلى صوت الله ويطيعه بكل إخلاص. وفي تلك الأيام، قرر الله أن يمحو الشر من على الأرض بالطوفان، لكنه وجد في نوح رجلاً يستحق النجاة. أمر الله نوحًا أن يبني فلكًا ليحمي نفسه وعائلته، وكذلك الحيوانات التي ستُخلَّص من الطوفان.

هكذا، نرى في سلالة آدم حتى نوح، قصة الإخلاص والإيمان في وسط عالمٍ مليء بالخطيئة. كان كل رجل من هؤلاء الرجال يمثل حلقة في سلسلة الأمانة لله، حتى وصلت إلى نوح، الذي كان رمزًا للخلاص والنعمة الإلهية. هذه القصة تذكرنا بأهمية السير مع الله، حتى في أصعب الأوقات، وأن الله دائمًا ما يجد طريقة لتحقيق وعوده من خلال الذين يبقون أمناء له.

LEAVE A RESPONSE

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *