في البدء، بعد أن اعتمد يسوع من يوحنا المعمدان في نهر الأردن، قاده الروح القدس إلى البرية ليصام أربعين يومًا وأربعين ليلة. وكانت تلك الأيام مليئة بالتجارب الروحية والجسدية، حيث كان الشيطان يتربص به، محاولًا أن يغويه ويجعله يخطئ أمام الله.
وفي اليوم الأخير من صومه، شعر يسوع بالجوع الشديد. وكانت الشمس تشرق على وجهه، والرياح الحارة تهب على جسده المتعب. وفي تلك اللحظة، ظهر الشيطان أمامه وقال له: “إن كنت ابن الله، فقل لهذه الحجارة أن تصير خبزًا.” لكن يسوع، الذي كان ممتلئًا بالروح القدس، أجابه بثقة: “مكتوب: ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان، بل بكل كلمة تخرج من فم الله.”
ثم أخذ الشيطان يسوع إلى المدينة المقدسة، وأوقفه على جناح الهيكل وقال له: “إن كنت ابن الله، فاطرح نفسك إلى أسفل، لأنه مكتوب: إنه يوصي ملائكته بك، فعلى أياديهم يحملونك لكي لا تصدم بحجر رجلك.” لكن يسوع أجابه بحكمة: “مكتوب أيضًا: لا تجرب الرب إلهك.”
وأخيرًا، اصطحب الشيطان يسوع إلى جبل عالٍ جدًا، وأراه جميع ممالك العالم ومجدها في لحظة واحدة، وقال له: “لك أعطي هذا السلطان كله ومجده، لأنه قد دُفع إليَّ، وأنا أعطيه لمن أريد. فإن سجدت أمامي، يكون لك الجميع.” لكن يسوع، الذي كان يعلم أن العبادة لا تُقدم إلا لله وحده، قال له بصرامة: “اذهب يا شيطان! لأنه مكتوب: للرب إلهك تسجد، وإياه وحده تعبد.”
عندئذ تركه الشيطان، وإذا بملائكة الله قد جاءت تخدمه. وكانت تلك اللحظة انتصارًا عظيمًا ليسوع، حيث ثبت في إيمانه ورفض كل تجارب الشيطان. وبعد ذلك، بدأ يسوع خدمته العلنية، منادياً بالتوبة وقرب ملكوت السماوات، ومجتازاً في كل الجليل يعلم في مجامعهم، ويشفي كل مرض وكل ضعف في الشعب.
وهكذا، بدأت رحلة يسوع في نشر بشارة الملكوت، حيث كان نوره يضيء في الظلمة، وكلماته تلمس قلوب الناس، وتجلب لهم الرجاء والخلاص.