في الأيام القديمة، عندما كانت الشعوب تعيش في ظل الظلم والطغيان، أرسل الله نبيًا اسمه ناحوم ليبشر برسالة قوية ومليئة بالتحذيرات. كانت نينوى، المدينة العظيمة، قد عادت إلى طرقها الشريرة بعد أن تابَت في أيام يونان النبي. ولكن هذه المرة، كان غضب الله قد اشتعل بسبب شرورها وطغيانها.
بدأ ناحوم برسالة تعلن عن قداسة الله وقوته العظيمة. قال: “الرَّبُّ إِلهٌ غَيُورٌ وَمُنْتَقِمٌ. الرَّبُّ مُنْتَقِمٌ وَذُو سَخَطٍ. الرَّبُّ مُنْتَقِمٌ مِنْ مُبْغِضِيهِ وَحَافِظٌ غَضَبَهُ لأَعْدَائِهِ.” كانت كلمات ناحوم تتردد كالرعد في السماء، مذكرة الجميع بأن الله لا يتساهل مع الشر، بل هو قدوس وعادل.
وصف ناحوم قوة الله بقوله: “الرَّبُّ بَطِيءُ الْغَضَبِ وَعَظِيمُ الْقُوَّةِ، وَلكِنَّهُ لاَ يُبْرِئُ الْإِثْمَ. فِي الزَّوْبَعَةِ وَفِي الْعَاصِفَةِ طَرِيقُهُ، وَالسَّحَابُ غُبَارُ قَدَمَيْهِ.” كانت هذه الكلمات تذكر الشعب بأن الله، رغم صبره، لن يترك الشر دون عقاب. فقوته تفوق كل قوة بشرية، وهو الذي يسيطر على الطبيعة بكل عظمتها.
ثم تابع ناحوم وصف غضب الله بقوله: “يُوَبِّخُ الْبَحْرَ فَيُجَفِّفُهُ، وَيُجَفِّفُ جَمِيعَ الأَنْهَارِ. يَذْبُلُ بَاشَانُ وَكَرْمَلُ، وَزَهْرُ لُبْنَانَ يَذْبُلُ.” كانت هذه الصور تظهر أن الله قادر على تغيير الطبيعة بكل قوتها، فكيف بالإنسان الذي يعصيه؟ كان ناحوم يريد أن يفهم الشعب أن لا شيء يستطيع الوقوف في وجه غضب الله.
ثم أعلن ناحوم عن دينونة الله على نينوى: “مَا أَشَدَّ تَكَسُّرَكِ! مَنْ يَقُومُ إِذَا قَامَ غَضَبُهُ؟ مِنْ يُقَاوِمُ حُمُوَّ غَيْظِهِ؟ سَخَطُهُ يُنْصَبُ كَنَارٍ، وَالصُّخُورُ تَنْفَتِقُ مِنْ قُدَّامِهِ.” كانت هذه الكلمات تعلن أن نينوى، المدينة العظيمة، ستسقط تحت دينونة الله. فغضبه كالنار التي لا تُطفأ، وقوته كالصخور التي تنفجر أمامه.
ولكن في وسط هذه الرسالة القاسية، كانت هناك كلمات رجاء لأولئك الذين يتكلون على الله. قال ناحوم: “الرَّبُّ صَالِحٌ، حِصْنٌ فِي يَوْمِ الضِّيقِ، وَهُوَ يَعْرِفُ الْمُتَّكِلِينَ عَلَيْهِ.” كانت هذه الكلمات تذكر الشعب بأن الله، رغم قسوته على الأشرار، هو ملجأ للأتقياء الذين يثقون به. فهو يحميهم ويقويهم في أيام المحن.
ثم أعلن ناحوم عن مصير نينوى: “هَا أَنَا عَلَيْكِ، يَقُولُ الرَّبُّ. سَأُحْرِقُ مَرْكَبَاتِكِ فِي الدُّخَانِ، وَيَأْكُلُ السَّيْفُ أَشْبَاهَكِ. سَأَقْطَعُ مِنْكِ فَرِيسَتَكِ، وَلاَ يُسْمَعُ بَعْدُ اسْمُ مُرْسِلِيكِ عَلَى الأَرْضِ.” كانت هذه الكلمات تعلن نهاية نينوى، المدينة التي كانت تعتز بقوتها وجبروتها. فالله سيدمرها تمامًا، ولن يبقى لها أي أثر.
وفي النهاية، أعلن ناحوم عن خلاص يهوذا، الشعب الذي كان يعاني من ظلم نينوى. قال: “هُوَذَا عَلَى الْجِبَالِ قَدَمَا مُبَشِّرٍ مُنَادٍ بِالسَّلاَمِ. اِحْفَظْ أَعْيَادَكِ يَا يَهُوذَا، أَوْفِ نُذُورَكِ، لأَنَّهُ لاَ يَعُودُ يَعْبُرُ فِيكِ أَيْضًا الْخَبِيثُ. قَدِ انْقَرَضَ كُلُّهُ.” كانت هذه الكلمات تبشر بخلاص يهوذا من أعدائها، وتعلن أن الله سيعيد السلام والفرح لشعبه.
وهكذا، كانت رسالة ناحوم مليئة بالتحذيرات والوعود. فقد أعلن عن دينونة الله على الأشرار، ولكن أيضًا عن رحمته وحمايته للأتقياء. كانت كلماته تذكر الجميع بأن الله هو السيد على كل شيء، وهو الذي يحكم بالعدل والرحمة.