الكتاب المقدس

رحمة الله وقبول التوبة: قصة ناحور العموني

في الأيام القديمة، عندما كان بنو إسرائيل يتجولون في البرية بعد خروجهم من أرض مصر، أعطاهم الرب وصايا كثيرة ليهتدوا بها في حياتهم. وكانت هذه الوصايا تُعلِّمهم كيفية العيش بحسب مشيئة الله، وكيفية الحفاظ على قداسة المجتمع الذي أراد الله أن يكون نورًا للأمم. ومن بين هذه الوصايا، كانت هناك وصايا خاصة تتعلق بمن يُسمح لهم بالدخول إلى جماعة الرب، ومن يُستبعد منها.

في سفر التثنية، الإصحاح الثالث والعشرين، نجد وصية واضحة من الرب تُحدِّد من يمكنه أن يكون جزءًا من جماعة إسرائيل المقدسة. فقد قال الرب لموسى: “لا يدخل عَمّوني ولا مُوآبي في جماعة الرب. حتى الجيل العاشر لا يدخل منهم أحد في جماعة الرب إلى الأبد”. وكان السبب وراء هذا الحكم هو أن هاتين الأمتين، العمونيون والموآبيون، لم يستقبلوا بني إسرائيل بالخبز والماء عندما كانوا في طريقهم بعد خروجهم من مصر. بل أكثر من ذلك، استأجروا بلعام بن بعور ليلعنهم. ولكن الرب حول اللعنة إلى بركة، لأن الرب يحب شعبه.

وفي تلك الأيام، كان هناك رجل اسمه ناحور، من نسل العمونيين. كان ناحور يعيش على أطراف أرض موآب، وقد سمع عن قوة إله إسرائيل وعن العجائب التي صنعها لشعبه. وكان قلبه يشتاق إلى معرفة هذا الإله العظيم، لكنه كان يعلم أن قومه مرفوضون من قبل الرب. ومع ذلك، قرر ناحور أن يترك أرضه ويذهب إلى حيث يعيش بنو إسرائيل، آملاً أن يجد مكانًا بينهم.

عندما وصل ناحور إلى مخيم إسرائيل، قابل رجلاً اسمه أليعازر، كان من اللاويين الذين خدموا في خيمة الاجتماع. سأل أليعازر ناحور: “من أين أتيت، وما هو اسمك؟” فأجاب ناحور: “أنا من نسل العمونيين، وقد جئت لأنني أريد أن أعبد إله إسرائيل”. فاندهش أليعازر وقال: “ألا تعلم أن الرب قد حرم العمونيين من الدخول في جماعته؟ حتى الجيل العاشر لا يُسمح لكم بالانضمام إلينا”.

حزن ناحور كثيرًا، لكنه لم يفقد الأمل. فذهب إلى خارج المخيم وجلس على تل قريب، ينظر إلى خيمة الاجتماع من بعيد. وكان يصلي قائلاً: “يا رب السماوات والأرض، إن كنتَ قد رفضت قومي بسبب خطاياهم، فأنا أتوب إليك وأترك كل ما يربطني بهم. أريد أن أعبدك وحدك، يا إله إبراهيم وإسحاق ويعقوب”.

وفي تلك الليلة، بينما كان ناحور نائمًا، رأى حلمًا. رأى ملاك الرب يقف بجانبه ويقول: “يا ناحور، لقد سمع الرب صلاتك. إن كنتَ تريد حقًا أن تكون جزءًا من شعبه، فاعلم أن الرب يقبل التائبين من كل الأمم. اذهب إلى موسى واخبره بقصتك”.

في الصباح، نهض ناحور بقلب ممتلئ بالأمل وذهب إلى موسى. وعندما سمع موسى قصة ناحور وتوبته، صلى إلى الرب طالبًا الإرشاد. فأوحى الرب إلى موسى قائلاً: “إن التوبة تغسل الخطايا، ومن يقبلني بقلب صادق، فأنا أقبله. ليكن ناحور مثالًا لكل من يريد أن يعود إليّ”.

ومنذ ذلك اليوم، عاش ناحور بين بني إسرائيل، وكان مثالًا للإخلاص والتوبة. وعلم الجميع أن الرب يقبل كل من يأتي إليه بقلب نقي، بغض النظر عن أصله أو ماضيه. وهكذا، أصبحت قصة ناحور تذكيرًا لشعب إسرائيل بأن رحمة الله واسعة، وأن التوبة هي الطريق إلى القرب منه.

LEAVE A RESPONSE

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *