الكتاب المقدس

حزقيال يكشف قلوب الشعب ودينونة الرب ورحمته

في الأيام التي كان فيها النبي حزقيال يتحدث بكلمة الرب لشعب إسرائيل، كانت قلوب الكثيرين منهم قد ابتعدت عن الله. كانوا يعبدون الأصنام ويتبعون شهواتهم، حتى أنهم جاؤوا إلى حزقيال ليستشيروه، لكن قلوبهم كانت مليئة بالرياء والخداع. فكشف الرب عن قلوبهم وأظهر حكمته العظيمة من خلال كلمات حزقيال.

في ذلك الوقت، جاء رجال من شيوخ إسرائيل وجلسوا أمام حزقيال. كانوا يظهرون أنهم يريدون سماع كلمة الرب، لكن الرب كشف لحزقيال أن قلوبهم كانت بعيدة عنه. فقال الرب لحزقيال: “يَا ابْنَ آدَمَ، هَؤُلَاءِ الرِّجَالُ قَدْ أَقَامُوا أَصْنَامَهُمْ فِي قُلُوبِهِمْ، وَوَضَعُوا مَعْثَرَةَ إِثْمِهِمْ أَمَامَ وَجْهِهِمْ. فَهَلْ أُسَائِلُهُمْ أَنَا؟” (حزقيال 14: 3).

فأجاب حزقيال الرب قائلًا: “يَا سَيِّدُ الرَّبُّ، أَنْتَ تَعْلَمُ مَا فِي قُلُوبِهِمْ.” فأمر الرب حزقيال أن يخبرهم بكلمته القاسية والصادقة. فقال الرب: “كُلُّ إِنْسَانٍ مِنْ بَيْتِ إِسْرَائِيلَ قَدْ أَقَامَ أَصْنَامَهُ فِي قَلْبِهِ، وَوَضَعَ مَعْثَرَةَ إِثْمِهِ أَمَامَ وَجْهِهِ، ثُمَّ جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ، فَأَنَا الرَّبُّ أُجِيبُهُ بِحَسَبِ كَثْرَةِ أَصْنَامِهِ.” (حزقيال 14: 4).

ثم وضح الرب أن العقاب سيكون شديدًا على أولئك الذين يخدعون أنفسهم ويظنون أنهم يستطيعون الهروب من دينونة الله. فقال الرب: “لِكَيْ أُمْسِكَ قَلْبَ بَيْتِ إِسْرَائِيلَ الَّذِينَ تَغَرَّبُوا عَنِّي جَمِيعًا بِأَصْنَامِهِمْ.” (حزقيال 14: 5).

ثم أمر الرب حزقيال أن يحذر الشعب من عواقب خطاياهم. فقال: “لِذَلِكَ قُلْ لِبَيْتِ إِسْرَائِيلَ: هَكَذَا قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ: تُوبُوا وَارْجِعُوا عَنْ أَصْنَامِكُمْ، وَاصْرِفُوا وُجُوهَكُمْ عَنْ كُلِّ رَجَاسَاتِكُمْ.” (حزقيال 14: 6).

لكن الرب أوضح أيضًا أنه حتى لو جاء أنبياء كذبة وأعطوا وعودًا كاذبة، فإن دينونة الله ستقع على الخطاة. فقال: “لأَنَّ كُلَّ إِنْسَانٍ مِنْ بَيْتِ إِسْرَائِيلَ وَمِنَ الْغُرَبَاءِ الْمُقِيمِينَ فِي إِسْرَائِيلَ، إِذِ انْفَصَلَ عَنِّي وَأَقَامَ أَصْنَامَهُ فِي قَلْبِهِ، وَوَضَعَ مَعْثَرَةَ إِثْمِهِ أَمَامَ وَجْهِهِ، ثُمَّ جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ لِيَسْأَلَهُ عَنِّي، فَأَنَا الرَّبُّ أُجِيبُهُ بِنَفْسِي.” (حزقيال 14: 7).

ثم أعلن الرب أن العقاب سيكون شاملًا، حتى لو كان هناك رجال أبرار مثل نوح أو دانيال أو أيوب في وسطهم. فقال: “وَإِنْ أَغْوَتِ الأَرْضُ هَؤُلَاءِ النَّبِيِّينَ، فَإِنِّي أَمُدُّ يَدِي عَلَيْهَا وَأُقْطِعُ عَنْهَا قُوتَهَا، وَأُرْسِلُ عَلَيْهَا جُوعًا، وَأَقْطَعُ مِنْهَا الإِنْسَانَ وَالْحَيَوَانَ.” (حزقيال 14: 13).

وأكد الرب أن الدينونة ستكون عادلة، وأنه لن يشفق على الخطاة حتى لو كانوا يطلبون الرحمة. فقال: “وَلَوْ كَانَ فِي وَسَطِهَا هَؤُلَاءِ الرِّجَالُ الثَّلَاثَةُ: نُوحٌ وَدَانِيآلُ وَأَيُّوبُ، فَإِنَّهُمْ بِبِرِّهِمْ يُنْقِذُونَ أَنْفُسَهُمْ فَقَطْ.” (حزقيال 14: 14).

ثم وصف الرب أنواع العقوبات التي ستأتي على الأرض بسبب خطايا الشعب: السيف والجوع والوحوش الرديئة والوبأ. فقال: “لأَنَّهُ هَكَذَا قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ: كَمْ بِالأَحْرَى إِذَا أَرْسَلْتُ أَرْبَعَةَ أَحْكَامٍ رَدِيئَةٍ: السَّيْفَ وَالْجُوعَ وَالْوَحْشَ الرَّدِيءَ وَالْوَبَأَ عَلَى أُورُشَلِيمَ لِأَقْطَعَ مِنْهَا الإِنْسَانَ وَالْحَيَوَانَ.” (حزقيال 14: 21).

لكن الرب أعطى أيضًا رجاءً، فقال إنه سيترك بقية من الشعب الذين سيخلصون من هذه الدينونة. فقال: “وَإِذَا كَانَتْ لَهُمْ بَقِيَّةٌ يُخَلَّصُونَ، وَيَخْرُجُونَ بَنُونَ وَبَنَاتٌ. هُوَذَا يَخْرُجُونَ إِلَيْكُمْ، فَتَرَوْنَ طَرِيقَهُمْ وَأَعْمَالَهُمْ، وَتَعَزَّوْنَ عَلَى الشَّرِّ الَّذِي جَلَبْتُهُ عَلَى أُورُشَلِيمَ، عَلَى كُلِّ مَا جَلَبْتُهُ عَلَيْهَا.” (حزقيال 14: 22).

وهكذا، من خلال كلمات حزقيال، أظهر الرب عدالته المطلقة ورحمته التي لا تنتهي. فالشعب الذي ابتعد عن الله وعبد الأصنام عوقب، لكن الرب ترك باب الرجاء مفتوحًا للذين يتوبون ويعودون إليه. فكانت رسالة حزقيال تذكيرًا قويًا بأن الله قدوس ولا يتسامح مع الخطية، لكنه أيضًا غفور ورحيم لمن يطلبونه بقلب صادق.

LEAVE A RESPONSE

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *