في الأيام القديمة، عندما كانت مملكة إسرائيل منقسمة إلى مملكتين، شمالية وجنوبية، وكان الشعب يعيش في حالة من الفساد والظلم، أرسل الله النبي عاموس ليواجه الخطيئة ويعلن دينونة الرب. وكان عاموس راعي غنم من قرية تقوع في يهوذا، لكن الرب اختاره ليحمل رسالة قوية إلى الأمم المحيطة وإلى إسرائيل نفسها.
في ذلك الوقت، كانت الأمم المجاورة تعيش في غطرسة وشر، وكانت تظلم الشعوب الضعيفة وتنتهك حقوق الإنسان. فبدأ عاموس برسالة من الرب، قائلاً: “هكَذَا قَالَ الرَّبُّ: مِنْ أَجْلِ ذُنُوبِ دِمَشْقَ الثَّلاَثَةِ وَالأَرْبَعَةِ، لاَ أَرْجِعُ عَنْهُ. لأَنَّهُمْ دَاسُوا جِلْعَادَ بِمَنَاجِلَ مِنْ حَدِيدٍ.”
كانت دمشق، عاصمة آرام، قد ارتكبت جرائم فظيعة ضد شعب الله. فقد استخدموا أدوات حديدية قاسية لسحق وقتل أهل جلعاد، وهي منطقة في شرق الأردن كانت تسكنها قبائل إسرائيلية. وكانت هذه الأفعال الوحشية بمثابة إهانة للرب، الذي لا يتسامح مع الظلم والقسوة. فأعلن عاموس أن الرب سيعاقب دمشق، وسيُسقط أسوارها ويُدمر قصورها، وسيسبي شعبها إلى قرية قير البعيدة.
ثم تابع عاموس قائلاً: “هكَذَا قَالَ الرَّبُّ: مِنْ أَجْلِ ذُنُوبِ غَزَّةَ الثَّلاَثَةِ وَالأَرْبَعَةِ، لاَ أَرْجِعُ عَنْهُ. لأَنَّهُمْ سَبَوْا سَبْيًا كَامِلاً لِيُسَلِّمُوهُ إِلَى أَدُومَ.”
كانت غزة، إحدى مدن الفلسطينيين، قد شاركت في تجارة الرقيق، حيث كانت تأسر شعوبًا بأكملها وتبيعهم كعبيد لأدوم، العدو اللدود لإسرائيل. وكان هذا العمل القاسي بمثابة انتهاك صارخ لكرامة الإنسان، الذي خلقه الله على صورته. فأعلن عاموس أن الرب سيرسل نارًا على أسوار غزة، وسيُدمر قصورها، وسيقطع كل من يسكن فيها.
ثم انتقل عاموس إلى مدينة صور، قائلاً: “هكَذَا قَالَ الرَّبُّ: مِنْ أَجْلِ ذُنُوبِ صُورَ الثَّلاَثَةِ وَالأَرْبَعَةِ، لاَ أَرْجِعُ عَنْهُ. لأَنَّهُمْ سَلَّمُوا سَبْيًا كَامِلاً إِلَى أَدُومَ، وَلَمْ يَذْكُرُوا عَهْدَ الإِخْوَةِ.”
كانت صور، المدينة الفينيقية العظيمة، قد انتهكت عهودها مع إسرائيل، وساعدت أعداءها في تجارة الرقيق. وكانت هذه الخيانة بمثابة خطيئة ضد الرب، الذي يدعو شعبه إلى الوفاء بالعهود. فأعلن عاموس أن الرب سيرسل نارًا على أسوار صور، وسيُدمر قصورها، وسيقطع كل من يسكن فيها.
ثم توجه عاموس إلى أدوم، قائلاً: “هكَذَا قَالَ الرَّبُّ: مِنْ أَجْلِ ذُنُوبِ أَدُومَ الثَّلاَثَةِ وَالأَرْبَعَةِ، لاَ أَرْجِعُ عَنْهُ. لأَنَّهُ طَرَدَ أَخَاهُ بِالسَّيْفِ، وَقَتَلَ الرَّحْمَةَ، وَغَضِبُهُ دَائِمٌ، وَسَخَطُهُ مَحْفُوظٌ إِلَى الأَبَدِ.”
كان أدوم، الشقيق الأكبر لإسرائيل، قد عامل شعبه بقسوة وحقد، ولم يظهر أي رحمة تجاههم. وكان هذا العداء المستمر بمثابة خطيئة ضد الرب، الذي يدعو إلى المحبة والغفران. فأعلن عاموس أن الرب سيرسل نارًا على أدوم، وسيُدمر قصورها، وسيقطع كل من يسكن فيها.
ثم انتقل عاموس إلى عمون، قائلاً: “هكَذَا قَالَ الرَّبُّ: مِنْ أَجْلِ ذُنُوبِ بَنِي عَمُّونَ الثَّلاَثَةِ وَالأَرْبَعَةِ، لاَ أَرْجِعُ عَنْهُ. لأَنَّهُمْ شَقُّوا حُبُولَ حَامِلَاتِ الْحَمْلِ فِي جِلْعَادَ لِكَيْ يُوَسِّعُوا تُخُومَهُمْ.”
كان بنو عمون قد ارتكبوا جرائم وحشية ضد شعب جلعاد، حيث قاموا بشق بطون النساء الحوامل لقتل الأجنة وتوسيع حدودهم. وكانت هذه الأفعال الوحشية بمثابة إهانة للرب، الذي يدعو إلى احترام الحياة البشرية. فأعلن عاموس أن الرب سيرسل نارًا على أسوار ربة، عاصمة عمون، وسيُدمر قصورها، وسيقطع كل من يسكن فيها.
وأخيرًا، توجه عاموس إلى موآب، قائلاً: “هكَذَا قَالَ الرَّبُّ: مِنْ أَجْلِ ذُنُوبِ مُوآبَ الثَّلاَثَةِ وَالأَرْبَعَةِ، لاَ أَرْجِعُ عَنْهُ. لأَنَّهُ أَحْرَقَ عِظَامَ مَلِكِ أَدُومَ كَالْجِيرِ.”
كان موآب قد ارتكب خطيئة فظيعة بحرق عظام ملك أدوم، وهو عمل يدل على عدم الاحترام للبشرية وللرب. فأعلن عاموس أن الرب سيرسل نارًا على موآب، وسيُدمر قصورها، وسيقطع كل من يسكن فيها.
وهكذا، حمل عاموس رسالة قوية من الرب، تدين الظلم والقسوة والخطيئة في كل مكان. وكانت هذه الرسالة تذكيرًا بأن الرب هو الإله العادل، الذي لا يتسامح مع الشر، ولكنه أيضًا الإله الرحيم، الذي يدعو شعبه إلى التوبة والعودة إليه.