الكتاب المقدس

ضربة الوباء ودمامل مصر: قسوة قلب الفرعون

في اليوم الذي تحدثت فيه كلمة الرب إلى موسى، كانت السماء صافية والشمس تشرق ببهاء على أرض مصر. لكن الفرعون، بقلبه القاسي، رفض مرة أخرى أن يسمع لصوت الرب ويطلق شعب إسرائيل من العبودية. فقال الرب لموسى: “قف أمام الفرعون وقل له: هكذا يقول الرب، إله العبرانيين: أطلق شعبي ليعبدوني. لأنك إن رفضت أن تطلقهم، وتمسكت بهم بعد، ها أنا أمد يدي وأضرب كل ماشيتك التي في الحقل بالوباء. فيموت كل خيل وحمير وجمال وبقر وغنم، وبذلك يكون وباء شديدًا جدًا.”

فذهب موسى وهارون إلى الفرعون وحذّروه بكلمات الرب. لكن الفرعون، الذي كان قلبه قد قسا بفعل عناده، لم يسمع لهما. فامتدت يد الرب، وفي اليوم التالي، بدأ الوباء يضرب كل ماشية المصريين التي كانت في الحقل. ماتت الخيول والحمير والجمال والبقر والغنم بأعداد هائلة، حتى أن الحقول امتلأت بجثث الحيوانات النافقة. وكانت رائحة الموت تملأ الهواء، وصوت النواح يعلو من كل بيت مصري.

لكن العجيب في الأمر أن ماشية بني إسرائيل، التي كانت تسكن في أرض جاسان، لم تُصب بأي ضرر. لم تمت منها حتى حيوان واحد. وكان هذا علامة واضحة على أن الرب يميز بين شعبه وشعب مصر. ومع ذلك، لم يلين قلب الفرعون، بل ازداد عنادًا.

ثم قال الرب لموسى: “خذ حفنة من رماد الأتون، وليقف بها موسى أمام عيني الفرعون. ثم لينثرها نحو السماء، فتكون غبارًا على كل أرض مصر، وتصير دمامل باردة تظهر على الناس وعلى البهائم في كل أرض مصر.”

ففعل موسى كما أمره الرب. أخذ رماد الأتون ووقف أمام الفرعون، ثم نثره نحو السماء. وفي لحظات، تحول الرماد إلى غبار دقيق انتشر في كل أرجاء أرض مصر. وبدأ الناس والبهائم يصابون بدمامل باردة مؤلمة تظهر على أجسادهم. كان الفرعون نفسه يعاني من الألم، وكذلك سحرة مصر الذين حاولوا أن يفعلوا مثل موسى، لكنهم لم يستطيعوا الوقوف أمامه بسبب الألم الشديد الذي أصابهم.

ومع كل هذه الضربات، لم يزل قلب الفرعون قاسيًا. بل ازداد عنادًا، ولم يسمع لموسى وهارون، كما قال الرب. وكان الرب يقسّي قلب الفرعون لكي تظهر قوته العظيمة، ولكي يُعلن اسمه في كل الأرض.

وهكذا، كانت الضربة السادسة علامة واضحة على قوة الرب وعظمته. لكن الفرعون، بقلبه المملوء بالكبرياء، لم يتعلم الدرس. واستمر في مقاومة إرادة الرب، مما أدى إلى استمرار الضربات التي كانت تزداد شدة مع كل مرة.

وفي خضم هذه الأحداث، كان موسى وهارون واقفين بإيمان، يعلمان أن الرب سينقذ شعبه في الوقت المناسب. وكانت قلوب بني إسرائيل تنتظر بفارغ الصبر اليوم الذي سيخرجون فيه من أرض العبودية إلى أرض الحرية، حيث سيعبدون الرب بكل قلوبهم.

LEAVE A RESPONSE

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *