الكتاب المقدس

تقديم الذبائح: رمز التوبة والتقرب إلى الله

في الأيام القديمة، عندما كان بنو إسرائيل يسيرون في البرية بعد خروجهم من أرض مصر، أوصى الرب موسى بأن يعلم الشعب كيفية تقديم الذبائح التي ترضيه. وكانت هذه الذبائح رمزًا للتوبة والتقرب إلى الله، وكانت تُقدم بحسب تفاصيل دقيقة أوحى بها الرب.

وفي يوم من الأيام، تجمع الشعب حول خيمة الاجتماع، حيث كان موسى يتلقى الوصايا من الرب. فبدأ موسى يخاطبهم بصوت واضح وجليل، قائلًا: “اسمعوا يا بني إسرائيل، هذا ما أوصى به الرب لتقديم ذبيحة المحرقة، التي هي رائحة سرور للرب.”

ثم واصل موسى شرحه: “إذا أراد أحد منكم أن يقدم ذبيحة محرقة من البقر، فليأتِ بثورٍ صحيحٍ بلا عيب. وليقده إلى باب خيمة الاجتماع، حيث يقف الكاهن ليستلم الذبيحة.”

كان الرجل الذي أراد أن يقدم الذبيحة يأتي بثوره، وكان الثور قويًا وجميلًا، يشعّ صحته وكماله. وكان الرجل يضع يده على رأس الثور، علامة على أنه يقدمه نيابة عن نفسه، كفارة عن خطاياه. ثم يذبح الثور أمام الرب، وكان الدم يُجمع في إناء خاص.

بعد ذلك، كان الكاهن يأخذ الدم ويقدمه إلى المذبح، الذي كان موضوعًا أمام خيمة الاجتماع. وكان الكاهن يرش الدم حول المذبح، رمزًا للتطهير والغفران. ثم يُسلخ الثور، ويُقطع إلى أجزاء، ويُغسل كل جزء بالماء ليكون نقيًا.

وكان الكاهن يرتب الأجزاء على المذبح، ويشعل النار التي تأكل الذبيحة كلها. وكانت النار تتصاعد إلى السماء، ورائحة الذبيحة ترتفع كرائحة سرور للرب. وكانت هذه الذبيحة ترمز إلى التسليم الكامل لله، والتضحية بكل ما هو ثمين من أجل طاعته.

وأضاف موسى: “وإذا كان أحدكم فقيرًا ولا يقدر أن يقدم ثورًا، فليأتِ بخروف أو ماعز، بلا عيب. وليفعل به كما فعل مع الثور، يضع يده على رأسه ويذبحه أمام الرب. ثم يأخذ الكاهن الدم ويرشه حول المذبح، ويقطع الذبيحة ويقدمها محرقة للرب.”

وكان الفقراء يأتون بخرافهم أو ماعزهم، وكانت الحيوانات صغيرة ولكنها كاملة، تعبر عن إخلاصهم وتوبتهم. وكان الكاهن يتعامل مع كل ذبيحة بنفس القدسية والاحترام، لأنها كانت مقدسة للرب.

وأكمل موسى: “وإذا كان أحدكم لا يقدر أن يقدم خروفًا أو ماعزًا، فليأتِ بزوج من اليمام أو فرخي حمام. ويقدمهما للكاهن، فيذبح أحدهما ويترك الآخر حيًا. ثم يأخذ الكاهن الدم ويرشه على جانب المذبح، وينزع رأس الطير ويقدمه محرقة على المذبح.”

وكان الفقراء جدًا يأتون بالطيور، وكانت هذه الذبائح الصغيرة تعبر عن قلوبهم المكسورة والتواضع. وكانت النار تأكل الذبيحة، ورائحتها ترتفع إلى السماء، مقبولة لدى الرب.

وهكذا، كان بنو إسرائيل يتعلمون أن الذبيحة ليست مجرد طقس خارجي، بل هي تعبير عن القلب التائب والنفس الخاضعة للرب. وكانوا يتذكرون دائمًا أن الرب يطلب الطاعة والإخلاص أكثر مما يطلب الذبائح بحد ذاتها.

وفي نهاية اليوم، كان الشعب يغادر خيمة الاجتماع وهم ممتلئون بالسلام، لأنهم عرفوا أنهم قد قدموا ما يرضي الرب، وتقرّبوا إليه بقلوب نقية. وكانت هذه الذبائح تذكرهم بعهدهم مع الله، وبضرورة السير في طريقه بكل أمانة.

LEAVE A RESPONSE

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *