في تلك الأيام، عندما كانت أورشليم تحت نير العبودية والظلام، تنبأ النبي إشعياء بكلمة الرب، قائلاً: “استيقظي، استيقظي، البسي عزك يا صهيون! البسي ثياب جمالك يا أورشليم، المدينة المقدسة! لأنه لا يعود يدخلكِ بعدُ غير المختونين والنجسون.”
كانت أورشليم مدينة الله المقدسة، لكنها كانت قد سقطت في الخطيئة والتمرد، مما أدى إلى أن تُسلّم ليد أعدائها. لكن الرب، في رحمته العظيمة، وعد بأن يعيد مجدها ويحررها من عبوديتها. كانت المدينة كأنها نائمة في ظلام الخطيئة، لكن صوت الرب دوى كالرعد قائلاً: “انهضي من التراب، اجلسي يا أورشليم! تحلّي من قيود عنقكِ، يا أسيرة ابنة صهيون!”
كان الشعب يعيش في حالة من اليأس والخزي، لكن الرب أراد أن يزيل هذا الخزي ويُظهر مجده. قال إشعياء: “هكذا قال السيد الرب: مجانًا بُعتم، وبلا فضة تُفتدون.” لقد كان الشعب قد بيع كالعبد في سوق الخطيئة، لكن الرب أعلن أن الفداء سيأتي بدون ثمن، لأنه هو نفسه سيدفع الثمن. كان هذا وعدًا بالفداء العظيم الذي سيتم من خلال المسيا المنتظر.
ثم واصل إشعياء كلامه قائلاً: “لأنه هكذا قال السيد الرب: إلى مصر نزل شعبي في الأول ليتغرب هناك، ثم أُضطهد من أشور بلا سبب.” لقد تذكر الشعب كيف أن أجدادهم نزلوا إلى مصر وعانوا من العبودية، وكيف أن الأشوريين أذلوهم بلا سبب. لكن الرب وعد بأن هذه الأيام ستزول، وأن العبودية لن تكون مصيرهم الأبدي.
ثم أعلن إشعياء بصوت عالٍ: “فماذا أنا هنا، يقول الرب، إذ أُخذ شعبي بلا سبب؟ الذين يتسلطون عليهم يُعوّلون، يقول الرب، ودائمًا كل النهار اسمي يُجدّف عليه.” كان الرب يتألم من أجل شعبه، وكان يرى كيف أن أعداءهم يتسلطون عليهم بظلم، وكيف أن اسمه يُهان بسبب معاناة شعبه. لكنه وعد بأن هذا الوضع لن يستمر إلى الأبد.
ثم جاءت الكلمات التي ملأت قلوب المؤمنين بالرجاء: “لذلك يعرف شعبي اسمي. لذلك في ذلك اليوم إني أنا هو المتكلم. هأنذا.” كان الرب يؤكد أنه سيتدخل شخصيًا لإنقاذ شعبه. كان سيُظهر نفسه لهم كالمخلص القوي الذي سينتصر على أعدائهم ويحررهم من عبوديتهم.
وتابع إشعياء قائلاً: “ما أجمل على الجبال قدمي المبشر المخبر بالسلام، المبشر بالخير، المخبر بالخلاص، القائل لصهيون: قد ملك إلهك!” كانت هذه البشارة تملأ القلوب بالفرح، لأنها كانت تعني أن السلام والخلاص قريبان. كانت أقدام المبشرين الذين يحملون أخبار الخلاص جميلة، لأنها كانت تحمل بشرى نهاية المعاناة وبداية عهد جديد من الحرية والمجد.
ثم أعلن إشعياء بصوت مليء باليقين: “صوت مراقبيك! قد رفعوا صوتهم، يترنمون معًا، لأنهم يعاينون eye to eye عند رجوع الرب إلى صهيون.” كانت المراقبون، الذين كانوا يقفون على أسوار أورشليم، يرفعون أصواتهم بالترنيم والفرح، لأنهم كانوا يرون بعيونهم أن الرب يعود إلى مدينته المقدسة. كان هذا علامة على أن زمن الخزي قد انتهى، وأن زمن المجد قد بدأ.
وأخيرًا، ختم إشعياء نبوته بكلمات مليئة بالتعزية والرجاء: “اهتفي وترنمي معًا يا خرب أورشليم، لأن الرب قد عزّى شعبه، فدى أورشليم. قد كشف الرب ذراع قدسه أمام عيون كل الأمم، فأبصرت كل أقاصي الأرض خلاص إلهنا.”
كانت هذه الكلمات تملأ القلوب بالفرح والرجاء. لقد وعد الرب بأنه سيعزي شعبه ويحرر أورشليم. كان سيُظهر قوته العظيمة أمام كل الأمم، حتى أن كل أقاصي الأرض ستشهد لخلاصه. كان هذا وعدًا بأن الله لن يتخلى عن شعبه أبدًا، وأنه سيعيد مجد أورشليم ويجعلها مدينة النور والسلام.
وهكذا، كانت نبوة إشعياء تذكيرًا قويًا بأن الله مخلص شعبه، وأنه قادر على تحويل الخزي إلى مجد، والعبودية إلى حرية. كانت هذه الكلمات تملأ قلوب المؤمنين بالرجاء، وتشجعهم على الثقة في وعود الله، لأنها كانت تعني أن النهاية السعيدة قريبة، وأن الرب سيعيد مجد أورشليم ويجعلها مدينة النور والسلام للأبد.