الكتاب المقدس

رسالة بولس إلى تسالونيكي: القداسة والمحبة وانتظار الرب

في مدينة تسالونيكي، حيث كانت الكنيسة الناشئة تتعلم وتنمو في الإيمان، كتب الرسول بولس رسالة مليئة بالتعاليم الروحية والتوجيهات العملية لتلك الجماعة المؤمنة. وفي الأصحاح الرابع من رسالته الأولى إلى أهل تسالونيكي، نجد تعاليم عميقة عن القداسة والمحبة وانتظار مجيء الرب. دعونا نتعمق في قصة هذه الرسالة، ونرى كيف يمكن أن تكون حية وواقعية في حياة المؤمنين.

كان الجو في تسالونيكي لطيفًا، والهواء العليل يحمل معه رائحة البحر القريب. في أحد البيوت الصغيرة، اجتمع عدد من المؤمنين حول تيموثاوس، الذي كان يقرأ عليهم رسالة وصلت حديثًا من بولس الرسول. كانت القلوب متشوقة لسماع كلمات الراعي الذي غاب عنهم جسديًا لكنه كان حاضرًا بروحه وتعليمه.

بدأ تيموثاوس القراءة بصوت واضح وهادئ:
“أخيرًا أيها الإخوة، نطلب إليكم ونحثكم في الرب يسوع، أنكم كما تسلمتم منا كيف يجب أن تسلكوا وترضوا الله، تزيدون أكثر وأكثر.”

توقف تيموثاوس للحظة ونظر إلى الحضور، ثم واصل:
“لأنكم تعلمون أيها الإخوة الوصايا التي أعطيناكم إياها باسم الرب يسوع.”

كانت الكلمات تلامس قلوب الحاضرين، وكأنها نور يضيء طريقهم. أحد الشبان، اسمه أندراوس، قال بتواضع: “نريد أن نسلك كما يرضي الله، لكن العالم حولنا مليء بالإغراءات. كيف نعيش في القداسة؟”

ابتسم تيموثاوس وأجاب: “اسمعوا ما كتبه بولس: ‘لأن هذه هي إرادة الله: قداستكم، أن تمتنعوا عن الزنا.'”

كانت الكلمات واضحة وصريحة. القداسة ليست مجرد فكرة، بل هي حياة عملية. امرأة تدعى ليديا، كانت تجلس في الزاوية، همست: “نحن نعيش في مدينة مليئة بالخطية، كيف نحمي أنفسنا؟”

أجاب تيموثاوس: “بولس يذكرنا أن كل واحد منا يجب أن يعرف كيف يمتلك إناءه بقداسة وكرامة، لا بشهوة عاطفة مثل الأمم الذين لا يعرفون الله.”

كانت الكلمات تشكل تحديًا، لكنها أيضًا كانت تعطي رجاء. الشاب أندراوس قال: “نحن نريد أن نعيش بحسب مشيئة الله، لكننا نحتاج إلى قوة من فوق.”

أكمل تيموثاوس القراءة: “لأن الله لم يدعنا للنجاسة، بل في القداسة. إذا من يرذل لا يرذل إنسانًا، بل الله الذي أعطانا روحه القدوس.”

كانت الكلمات تذكرهم بأن الروح القدس يسكن فيهم، وهو الذي يعطيهم القوة ليعيشوا حياة مقدسة. ليديا قالت بصوت خافت: “نحن لسنا وحدنا في هذا الصراع. الله معنا.”

ثم انتقل تيموثاوس إلى الجزء التالي من الرسالة: “وأما من جهة المحبة الأخوية، فلستم محتاجين أن أكتب إليكم، لأنكم أنفسكم متعلمون من الله أن يحب بعضكم بعضًا.”

كانت المحبة الأخوية علامة مميزة لهذه الكنيسة. أندراوس تذكر كيف ساعدوه عندما كان مريضًا، وليديا تذكرت كيف وقفوا بجانبها عندما فقدت زوجها. قال تيموثاوس: “بولس يشجعكم أن تزيدوا في المحبة أكثر وأكثر، ليس فقط داخل الكنيسة، بل أيضًا نحو الجميع.”

ثم جاءت الكلمات التي ألهبت قلوبهم: “لأن الرب نفسه بهتاف، بصوت رئيس الملائكة وبوق الله، سوف ينزل من السماء، والأموات في المسيح سيقومون أولًا. ثم نحن الأحياء الباقين سنُخطف جميعًا معهم في السحب لملاقاة الرب في الهواء، وهكذا نكون كل حين مع الرب.”

كانت هذه الكلمات تملأهم بالرجاء. ليديا قالت بعيون دامعة: “نحن ننتظر هذا اليوم بفارغ الصبر. كل تعبنا وصراعنا سينتهي عندما نرى الرب.”

أندراوس أضاف: “نعم، هذا الرجاء يعطينا القوة لنعيش حياة مقدسة وننتظر مجيئه.”

اختتم تيموثاوس القراءة: “لذلك عزوا بعضكم بعضًا بهذا الكلام.”

كانت الكلمات كالبلسم على قلوبهم. ليديا وأندراوس وغيرهما من المؤمنين خرجوا من الاجتماع وهم ممتلئون بالسلام والرجاء. كانوا يعلمون أن الطريق قد يكون صعبًا، لكنهم ليسوا وحدهم. الله معهم، وروحه القدوس يعمل فيهم، ويومًا ما سيأتي الرب ليأخذهم إلى حيث يكون معه إلى الأبد.

هكذا كانت رسالة بولس إلى أهل تسالونيكي، رسالة مليئة بالتعاليم العملية والرجاء العظيم. القداسة والمحبة وانتظار مجيء الرب كانت محور حياتهم، وهي تذكرنا اليوم بأننا مدعوون لنعيش بنفس الروح، منتظرين ذلك اليوم المجيد.

LEAVE A RESPONSE

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *