الكتاب المقدس

قصة يهوذا وثامار: دروس من ضعف البشر وعمل الله

في الأيام القديمة، عندما كان يعقوب وأبناؤه يعيشون في أرض كنعان، حدثت قصة تُروى حتى اليوم عن يهوذا، أحد أبناء يعقوب الاثني عشر. كانت هذه القصة مليئة بالدروس والعبر، وتظهر كيف أن الله يعمل في حياة البشر حتى في لحظات ضعفهم وخطاياهم.

كان يهوذا قد ترك إخوته ونزل إلى منطقة تُسمى عدلام، حيث تعرّف على رجل اسمه حيرة العدلامي. هناك، تزوج يهوذا من امرأة كنعانية اسمها بنت شوع، فأنجبت له ثلاثة أبناء: عير، وأونان، وشيلة.

كبر عير، الابن البكر، وتزوج من امرأة اسمها ثامار. ولكن عير كان شريرًا في عيني الرب، فأماته الرب بسبب خطاياه. وفقًا للعرف في ذلك الزمان، كان على أونان، الأخ الثاني، أن يتزوج ثامار ليقيم نسلاً لأخيه المتوفى. ولكن أونان كان يعلم أن النسل لن يكون له، بل لأخيه، فكان يفسد زرعه على الأرض لئلا يُنجب لثامار. وكان هذا الشر أيضًا في عيني الرب، فأماته الرب مثل أخيه.

بعد موت أونان، قال يهوذا لثامار: “اجلسي أرملة في بيت أبيك حتى يكبر شيلة ابني.” وكان يهوذا يخاف أن يموت شيلة أيضًا مثل أخويه، فترك ثامار تنتظر في بيت أبيها. ولكن الوقت مرّ، وشيلة كبر، ولم يفِ يهوذا بوعده لثامار.

وفي ذلك الوقت، ماتت بنت شوع، امرأة يهوذا، فذهب يهوذا إلى تمنة ليزرع مع رعاة غنمه. وعلمت ثامار أن يهوذا قد صعد إلى تمنة، فخلعت عنها ثياب ترملها وتغطت ببرقع وتنكرت وجلست عند مدخل عينايم، وهي قرية على الطريق إلى تمنة. كانت تعلم أن شيلة قد كبر، ولم تُعطَ لها كزوجة.

ولما رآها يهوذا، ظنها زانية لأنها كانت مغطاة وجهها. فمال إليها وقال: “هلمي أدخل عليكِ.” ولم يعرف أنها كنته ثامار. فقالت: “ماذا تعطيني لتدخل عليّ؟” فأجاب: “أرسل لكِ جدي من الغنم.” فقالت: “أتعطيني رهنًا حتى ترسله؟” فأعطاها خاتمه وعصابه وعصاه التي في يده. فدخل عليها فحبلت منه.

ثم قامت ثامار ومضت، ونزعت عن نفسها البرقع ولبست ثياب ترملها. وأرسل يهوذا الجدي بيد صاحبه العدلامي ليأخذ الرهن من يد المرأة، فلم يجدها. فسأل رجال المكان: “أين الزانية التي كانت في عينايم على الطريق؟” فقالوا: “لم تكن هنا زانية.” فرجع إلى يهوذا وقال: “لم أجدها، ورجال المكان قالوا: لم تكن هنا زانية.” فقال يهوذا: “لتأخذ الرهن لنفسها لئلا نصير عارًا. ها أنا قد أرسلت هذا الجدي ولم تجدها.”

وبعد ثلاثة أشهر، أخبروا يهوذا قائلين: “ثامار كنّتك قد زنت، وها هي حبلى من الزنا.” فقال يهوذا: “أخرجوها فتُحرق.” ولكن عندما أُخرجت، أرسلت إلى يهوذا وقالت: “من الرجل الذي هذه له أنا حبلى.” وأرسلت الخاتم والعصا والعصابة. فعرفها يهوذا وقال: “هي أبرّ مني، لأني لم أعطها لشيلة ابني.” ولم يعد يعاشرها بعد ذلك.

وعندما حان وقت ولادتها، إذا في بطنها توأمان. وفي الولادة، مدّ أحدهما يده فأخذت القابلة خيطًا قرمزيًا وربطته على يده قائلة: “هذا خرج أولاً.” ولكن عندما ردّ يده، خرج أخوه فقالت: “لماذا اقتحمت؟” فدُعي اسمه فارص. وبعد ذلك خرج أخوه الذي على يده الخيط القرمزي فدُعي اسمه زارح.

وهكذا، من خلال هذه الأحداث، نرى كيف أن الله يعمل في حياة البشر حتى في وسط الخطيئة والضعف. فقد كانت ثامار جزءًا من سلالة المسيح، حيث وُلد منها فارص، الذي أصبح أحد أجداد يسوع المسيح. هذه القصة تذكرنا بأن الله قادر أن يحوّل حتى أكثر المواقف تعقيدًا لتحقيق مقاصده الإلهية.

LEAVE A RESPONSE

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *