في الأيام التي كان فيها داود ملكًا على إسرائيل، حدثت حروب كثيرة بين شعبه وأعدائهم. وكانت إحدى هذه الحروب ضد بني عمون، الذين تحالفوا مع جيوش أخرى ليقاوموا إسرائيل. ولكن الرب كان مع داود وشعبه، فأعطاهم النصرة على أعدائهم. وبعد أن هزم داود جيوش العمونيين وحلفائهم، عاد إلى أورشليم ليرتاح من الحرب.
ولكن الحرب لم تنتهِ تمامًا، فقد كان هناك عماليق آخرون وأعداء أقوياء يتربصون بإسرائيل. وفي وقتٍ لاحق، خرج داود وجيشه مرة أخرى لمواجهة العماليق في مدينة ربة، التي كانت عاصمة العمونيين. وكانت ربة مدينة محصنة بأسوار عالية وأبراج قوية، وكان سكانها يعتزون بقوتهم ويعتقدون أنهم لا يقهرون.
ولكن داود، الذي كان يعتمد على قوة الرب، لم يخشَ هذه التحديات. فقاد جيشه بجرأة وإيمان، وهاجم المدينة بكل قوة. وبعد معركة شرسة، سقطت ربة في أيدي إسرائيل، واستولى داود على المدينة. وأخذ تاج ملك العمونيين، الذي كان مصنوعًا من الذهب الخالص ومرصعًا بالأحجار الكريمة، ووضعه على رأسه كعلامة على انتصاره. وكان وزن التاج كبيرًا جدًا، مما يدل على عظمة الملك الذي هُزم.
وبعد ذلك، واجه داود وجيشه عماليق آخرين في مدينة جت. وكان هناك رجل عملاق اسمه سبي، كان من نسل العماليق المعروفين بقوتهم الهائلة. وكان سبي يمتلك رمحًا ضخمًا، رأسه من الحديد ووزنه كوزن عصا النجارين. وكان هذا العملاق يتحدى جيش إسرائيل، ويستهزئ بهم. ولكن أحد رجال داود، واسمه يهوناثان بن شمعا، وهو ابن أخي داود، قام بتحدي سبي. وكان يهوناثان شابًا شجاعًا، يعتمد على الرب ولا يخشى الأعداء.
فاندفع يهوناثان نحو سبي، وبكل إيمان وقوة، ضربه وقتله. وهكذا، سقط العملاق العظيم أمام شجاعة يهوناثان وإيمانه بالرب. وكان هذا النصر علامة على أن الرب مع شعبه، وأنه يعطي القوة للضعيف ليهزم الأقوياء.
وفي معركة أخرى، واجه إسرائيل عملاقًا آخر اسمه لحمي، الذي كان أيضًا من نسل العماليق. وكان لحمي يتمتع بقوة هائلة، وكان يمتلك ستة أصابع في كل يد وستة أصابع في كل قدم، مما جعله أكثر رهبة في نظر أعدائه. ولكن أحد رجال داود، واسمه ألحانان بن يعير، قام بمواجهة لحمي. وبفضل قوة الرب، تمكن ألحانان من قتل لحمي، وهكذا سقط العملاق الثاني أمام إسرائيل.
وكانت هذه الانتصارات علامة على أن الرب كان مع شعبه، يعطيهم القوة ليهزموا أعدائهم، مهما كانت قوتهم أو حجمهم. وكان داود يعلم أن النصر الحقيقي يأتي من الرب، وليس من القوة البشرية أو الأسلحة. لذلك، كان داود دائمًا يشكر الرب على كل انتصار يحققه، ويعترف بأن كل مجد يعود لله.
وهكذا، استمرت حروب داود ضد أعداء إسرائيل، وكان الرب يعطيه النصرة في كل مرة. وكانت هذه الأحداث تذكر شعب إسرائيل بأنهم شعب الله المختار، وأن الرب لن يتخلى عنهم أبدًا، طالما كانوا مخلصين له ويعتمدون عليه في كل شيء.
وفي النهاية، عاد داود إلى أورشليم، ومعه جيشه المنتصر، ليشكر الرب على كل ما فعله من أجلهم. وكانت هذه الأحداث تُسجَّل في سفر الأخبار، لتكون تذكيرًا للأجيال القادمة بقوة الرب وأمانته لشعبه.