في الأيام التي سبقت سقوط أورشليم، كان الرب قد تكلم مع حزقيال النبي في أرض السبي، في بلاد الكلدانيين، حيث كان الشعب مسبيًا بعيدًا عن أرض الموعد. وكانت رسالة الرب إلى حزقيال مليئة بالوعود والرجاء، رغم الظلام الذي كان يحيط بالشعب.
بدأ الرب حديثه مع حزقيال قائلًا: “يا ابن آدم، تكلّم مع جبال إسرائيل، وقل لها: اسمعي كلام الرب. هكذا يقول السيد الرب للجبال والتلال والأودية والأنهار: ها أنا أتكلم بغيرة وغضب لأنكم قد صرتم عارًا للأمم، وحملتم عارًا من الشعوب الذين حولكم.”
كان الرب يتحدث عن أرض إسرائيل التي دُنسَت بسبب خطايا الشعب. لقد أُهينَت الأرض المقدسة، وأصبحت خرابًا بفعل عبادة الأوثان وسفك الدماء والظلم الذي انتشر بين الشعب. لكن الرب، في رحمته، كان يعد بالخلاص.
وتابع الرب قائلًا: “لذلك، يا جبال إسرائيل، اسمعي كلام السيد الرب. هكذا يقول السيد الرب للجبال والتلال: ها أنا أرفع صوتي ضد الأمم الذين حولكم، لأنهم قد أهانوكم وسخروا منكم. سأجعلهم يحملون عارهم، وسأجعلهم يدفعون ثمن ازدرائهم بأرضي.”
كان الرب يتحدث عن دينونة الأمم التي استهزأت بإسرائيل واستخدمت أرضها لأغراضها الشريرة. لكنه كان أيضًا يعد بالعودة والاستعادة. “لأني أنا حي، يقول السيد الرب، سأعمل بغيرة وغضب. سأجعل شعبي يعود إلى أرضهم، وسأزرعهم فيها مثل الزرع الجيد. لن أعود أسمح للأمم أن تدنس أرضي، ولن أعود أسمح لشعبي أن يحملوا عارهم.”
ثم وعد الرب بتحول عظيم: “وسأرش عليكم ماءً طاهرًا فتطهرون من كل نجاساتكم. ومن كل أصنامكم أطهركم. وأعطيكم قلبًا جديدًا، وأجعل روحًا جديدة في داخلكم. وأنزع قلب الحجر من لحمكم، وأعطيكم قلب لحم. وأجعل روحي في داخلكم، وأجعلكم تسلكون في فرائضي، وتحفظون أحكامي وتعملون بها.”
كان الرب يعد بتجديد كلي، ليس فقط للأرض، بل للشعب أيضًا. لقد وعد بقلب جديد وروح جديدة، ليعيد العلاقة بينه وبين شعبه. “وستسكنون في الأرض التي أعطيتها لآبائكم، وتكونون لي شعبًا، وأنا أكون لكم إلهًا.”
وتابع الرب وصفه للبركات التي ستأتي: “وسأنقذكم من كل نجاساتكم، وأدعو القمح وأكثرّه، ولا أجلب عليكم جوعًا. وأكثر ثمر الأشغل وغلّة الحقل، فلا تعودون تحملون عار الجوع بين الأمم.”
كان الرب يعد بالازدهار والبركة، ليس فقط روحيًا، بل ماديًا أيضًا. لقد وعد بأن يعيد الأرض إلى حالتها الأصلية، حيث تفيض بالخير والبركة. “وتذكرون طرقكم الشريرة وأعمالكم التي لم تكن صالحة، وتكرهون أنفسكم على خطاياكم ورجاساتكم. ليس لأجلكم أنا أفعل هذا، يقول السيد الرب، فليكن معروفًا لكم. اخجلي واخزي من طرقكم يا بيت إسرائيل.”
كان الرب يذكرهم بأن عمله هذا ليس بسبب استحقاقهم، بل بسبب رحمته واسمه القدوس. لقد أراد أن يظهر قداسته ومحبته لشعبه، رغم خطاياهم.
وفي النهاية، أكد الرب وعده قائلًا: “حين أطهركم من كل آثامكم، أسكن المدن، وتُعمَر الخرب. وتقول الأرض الخربة: قد صرت كجنة عدن. وتقول المدن الخربة الخربة والخرائب: إنها قد بُنيت وحُصّنت. فتعلم الأمم الذين بقوا حولكم أني أنا الرب بنيتُ المنهدمة، وغرستُ الخربة. أنا الرب تكلمت وأفعل.”
وهكذا، كانت رسالة الرب إلى حزقيال مليئة بالرجاء والوعد. لقد وعد بأن يعيد شعبه إلى أرضهم، ويجدد قلوبهم، ويبارك أرضهم. وكان كل هذا ليمجد اسمه القدوس بين الأمم، ويظهر محبته ورحمته لشعبه.
فخرج حزقيال من أمام الرب وهو ممتلئ بالرجاء، ونقل هذه الرسالة إلى الشعب المسبي، ليعلموا أن الرب لم ينسهم، وأنه سيحقق وعوده في الوقت المناسب.