في الأيام القديمة، عندما كانت نينوى عاصمة آشور قوية ومليئة بالكبرياء، أرسل الله النبي ناحوم ليبشر بدمارها القادم. كانت نينوى مدينة عظيمة، محصنة بأسوار ضخمة وأبراج شاهقة، وكان شعبها يعيش في رفاهية لكنهم كانوا مملوئين بالخطية والظلم. ومع ذلك، كان الله عادلاً، وقد حان وقت دينونته.
بدأ ناحوم برؤية من الله، حيث رأى جيشًا قويًا يتقدم نحو نينوى. كان الجيش مسلحًا بسيوف لامعة ودروع قوية، وكانت خيولهم سريعة كالبرق. قال ناحوم: “هَا عَلَى الْجِبَالِ أَقْدَامُ الْمُبَشِّرِ، السَّامِعِ صَوْتَ السَّلاَمَةِ. أَيُّهَا يَهُوذَا، عَيِّدِي أَعْيَادَكِ. أَوْفِي نُذُورَكِ، لأَنَّهُ لاَ يَعُودُ يَعْبُرُ فِيكِ أَيْضًا الأَخِيرُ. قَدِ انْقَطَعَ كُلُّيًّا.”
كانت نينوى قد أذلت شعوبًا كثيرة، وأساءت معاملة الأسرى، وأشعلت الحروب بلا رحمة. ولكن الآن، كان الله قد قرر أن يرد لها كأس غضبه. رأى ناحوم جنودًا أشجع يقتحمون أسوار المدينة، وكانت عربات الحرب تسير بسرعة، وتصطدم ببعضها البعض في الشوارع الضيقة. كانت أصوات السيوف والصراخ تملأ الأجواء، وكان الدخان يتصاعد من البيوت المحترقة.
قال ناحوم: “تَتَلاَشَى الْمَرْكَبَاتُ فِي الشَّوَارِعِ، وَتَتَزَاحَمُ فِي السَّاحَاتِ. مَنْظَرُهَا كَالْمَشَاعِلِ. تَجْرِي كَالْبُرُوقِ.” كانت المدينة التي كانت يومًا ما عظيمة تتحول إلى خراب. كان الجنود الأشوريون يحاولون الدفاع عن مدينتهم، لكنهم كانوا مرتعبين. حتى الملك نفسه كان يرتجف في قصره، وقد أدرك أن نهايته قد اقتربت.
رأى ناحوم كيف أن الأسود المنحوتة على جدران القصور، والتي كانت رمزًا لقوة آشور، كانت تُحطم وتُسحق تحت أقدام الغزاة. كانت كنوز المدينة تُنهب، وكان الذهب والفضة يُسلبون. قال ناحوم: “وَقَدِ انْكَسَرَتْ أَسْيَافُهُمْ، وَانْقَطَعَتْ رِمَاحُهُمْ، وَقَدْ أُخِذَتْ كُلُّ غَنِيمَةِ الْمَدِينَةِ.”
كانت نينوى، المدينة التي كانت تُعتبر غير قابلة للهزيمة، تُدمر أمام عينيه. كانت النساء تبكين، والأطفال يصرخون، والرجال يموتون في الشوارع. قال ناحوم: “هِيَ خَرِبَةٌ، خَرِبَةٌ، خَرِبَةٌ! وَقَلْبُهَا يَذُوبُ، وَالرُّكَبُ تَرْتَعِدُ، وَكُلُّ حَوَاصِلِهَا تَضْطَرِبُ، وَكُلُّ وُجُوهِهَا تَتَغَيَّرُ.”
كانت هذه هي نهاية نينوى، المدينة التي تحدت الله وظلمت شعوبه. ولكن الله، في عدالته، أظهر أن لا أحد يمكنه الهروب من دينونته. قال ناحوم: “مَنْ قَدْ وَقَفَ أَمَامَ سَخَطِهِ؟ وَمَنْ يَقُومُ فِي حُمُوِّ غَضَبِهِ؟ غَضَبُهُ يُنْصَبُّ كَنَارٍ، وَالصُّخُورُ تَنْحَلُّ مِنْ قُدَّامِهِ.”
وهكذا، كانت نينوى عبرة لكل من يتحدى الله ويعيش في الخطية. ولكن في وسط هذا الدمار، كان هناك أمل لشعب الله، لأن ناحوم أعلن أن الله سيكون ملجأً لشعبه في يوم الضيق. قال: “الرَّبُّ صَالِحٌ، حِصْنٌ فِي يَوْمِ الضِّيقِ، وَهُوَ يَعْرِفُ الْمُتَّكِلِينَ عَلَيْهِ.”
فليكن هذا درسًا لنا، أن نعيش في طاعة الله، ونثق برحمته وعدله، لأنه هو الملجأ الوحيد في أيام الضيق.