الكتاب المقدس

بناء خيمة الاجتماع: عهد الرب مع شعبه

في الأيام التي قضاها بنو إسرائيل في البرية، بعد أن نجاهم الرب من أرض مصر بعجائبه العظيمة، تحدث الرب إلى موسى على جبل سيناء. وكان الكلام واضحًا وصريحًا، مليئًا بالتفاصيل التي أراد الرب أن ينقلها إلى شعبه. وفي ذلك اليوم، أعطى الرب موسى وصايا خاصة تتعلق ببناء خيمة الاجتماع، المكان المقدس الذي سيحل فيه الرب بين شعبه.

قال الرب لموسى: “انظر، قد دعوت بصلئيل بن أوري بن حور من سبط يهوذا باسمه. وها أنا قد ملأته بروح الله، بالحكمة والفهم والمعرفة وكل صنعة، لاختراع مخترعات، ليعمل في الذهب والفضة والنحاس، ونقش حجارة للترصيع، ونجارة الخشب، ليصنع كل صنعة.”

كان بصلئيل رجلاً مميزًا، اختاره الرب ليس فقط لمهاراته اليدوية، ولكن لأنه كان ممتلئًا بروح الله. كانت الحكمة التي منحها الرب له تتجاوز المهارات البشرية العادية، فقد كان قادرًا على فهم التصاميم الإلهية المعقدة وتنفيذها بدقة. وكان معه أهولياب بن أخيساماخ من سبط دان، الذي كان أيضًا ممتلئًا بروح الحكمة والفن. وهكذا، كان الاثنان معًا فريقًا متكاملًا، يعملان بتناغم لتنفيذ مشيئة الرب.

وأمر الرب موسى أن يعلن لشعب إسرائيل أهمية حفظ السبت، فقال: “أما أنتم فتحفظون سبوتي، لأن هذا علامة بيني وبينكم في أجيالكم، لتعلموا أني أنا الرب الذي يقدسكم. فتحفظون السبت لأنه مقدس لكم. من دنسه يقتقت قتلًا، لأن كل من يعمل فيه عملاً تقطع تلك النفس من بين شعبها. ستة أيام يعمل عمل، وأما اليوم السابع ففيه سبت عطلة مقدس للرب. كل من يعمل عملاً في يوم السبت يقتل.”

كان السبت علامة عهد بين الرب وشعبه، تذكيرًا دائمًا بأن الرب هو الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام واستراح في اليوم السابع. وكان حفظ السبت تعبيرًا عن الإيمان والطاعة، وإعلانًا أن الشعب يعتمد على الرب في كل شيء، حتى في راحتهم.

ثم أعطى الرب موسى لوحي الحجر، اللوحين اللذين كتبهما بإصبعه، وكانا مملوءين بالوصايا التي أراد الرب أن يعيش بها شعبه. وكانت هذه اللوحي رمزًا للعهد بين الله والإنسان، وعلامة على أن الرب هو الذي يرشد ويقود.

وهكذا، كان بصلئيل وأهولياب يعملان باجتهاد، مستخدمين كل المهارات التي منحها الرب لهما. كانا يصنعان خيمة الاجتماع، وتابوت العهد، والمائدة، والمنارة، والمذبح، وكل الأدوات المقدسة التي ستستخدم في العبادة. وكان كل جزء من هذه الأدوات مصنوعًا بدقة وفقًا للتصميم الذي أعطاه الرب لموسى على الجبل.

وكان الشعب يراقب العمل بدهشة وإجلال، مدركين أن هذا العمل ليس مجرد صنعة بشرية، بل هو عمل مقدس، ممتلئ بروح الله. وكانوا يتذكرون دائمًا وصية الرب بخصوص السبت، فيكفون عن العمل في اليوم السابع، ويخصصونه للراحة وللعبادة.

وهكذا، كانت تلك الأيام مليئة بالبركة، حيث كان الرب يعمل في وسط شعبه، ويقودهم خطوة بخطوة نحو أرض الموعد. وكان بصلئيل وأهولياب رمزًا للتعاون بين الموهبة الإلهية والجهد البشري، حيث كانا يعملان بتواضع وطاعة، ممتلئين بروح الحكمة التي منحها الرب لهما.

وفي النهاية، اكتملت خيمة الاجتماع، وكل الأدوات المقدسة، وفقًا للتصميم الإلهي. وكانت هذه الخيمة مكانًا مقدسًا، حيث يحل الرب بين شعبه، ويسمع صلواتهم، ويتقرب منهم. وكانت هذه الأحداث تذكيرًا دائمًا لشعب إسرائيل بأن الرب هو إلههم، الذي يريد أن يسكن بينهم، ويقودهم في كل خطوة من حياتهم.

LEAVE A RESPONSE

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *