الكتاب المقدس

تحذير بطرس من المعلمين الكذبة والضلال

في الأيام القديمة، عندما كانت الكنيسة الأولى تنتشر في كل مكان، كتب الرسول بطرس رسالته الثانية ليحذر المؤمنين من المعلمين الكذبة والأفكار المضلة التي كانت تنتشر بينهم. وفي الأصحاح الثاني من رسالته، قدم بطرس تحذيرًا قويًا ومفصلًا عن هؤلاء الذين يتبعون طرق الشر والضلال.

بدأ بطرس حديثه بتذكير المؤمنين بأنه كما كان هناك أنبياء كذبة في الماضي، سيكون هناك أيضًا معلمون كذبة بينهم. هؤلاء المعلمون سيدسون تعاليم هدامة، وسينكرون حتى الرب الذي اشتراهم، مما سيجلِب عليهم دينونة سريعة. وقال بطرس: “وَكَثِيرُونَ سَيَتْبَعُونَ تَهْلُكَاتِهِمْ، وَبِسَبَبِهِمْ سَيُجَدَّفُ عَلَى طَرِيقِ الْحَقِّ.”

ثم استشهد بطرس بأمثلة من العهد القديم ليظهر كيف أن الله لا يتسامح مع الشر. فذكر كيف أن الله لم يشفق على الملائكة الذين أخطأوا، بل ألقاهم في ظلام الجحيم، حيث هم محبوسون في سلاسل إلى يوم الدينونة. وتحدث أيضًا عن الطوفان في أيام نوح، عندما لم يشفق الله على العالم القديم، بل حفظ نوحًا، كارز البر، مع سبعة آخرين، وأهلك العالم بالطوفان. وكذلك ذكر قصة سدوم وعمورة، التي أحرقها الله رمادًا، وجعلها عبرة للذين يعيشون في الإثم.

ثم وصف بطرس هؤلاء المعلمين الكذبة بأنهم جريئون ومستبدون، ولا يخافون أن يفتروا على الكائنات السماوية. وقال إنهم كحيوانات غير عاقلة، مولودة طبيعيًا للصيد والهلاك، يجدّفون على ما لا يعرفون، وسيهلكون في فسادهم. هؤلاء الذين يتبعون الشهوات الجسدية ويحتقرون السلطة، هم كالكلاب التي تعود إلى قيئها، وكالخنازير التي بعد أن تغتسل تعود إلى التمرغ في الوحل.

وحذر بطرس المؤمنين من الوقوع في فخ هؤلاء المعلمين الكذبة، الذين يعدونهم بالحرية وهم أنفسهم عبيد للفساد. لأن الإنسان يصير عبدًا لما يغلبه. فإذا كانوا بعد أن هربوا من نجاسات العالم بمعرفة الرب والمخلص يسوع المسيح، يرتبكون فيها أيضًا وينغلبون، فقد صارت أواخرهم أشر من أوائلهم. لأنه كان خيرًا لهم لو لم يعرفوا طريق البر، من أن يعرفوه ثم يرتدوا عن الوصية المقدسة المسلمة لهم.

وختم بطرس هذا الأصحاح بمثل قاسٍ، قائلاً: “قَدْ أَصَابَهُمْ مَا فِي الْحَقِيقَةِ يُشْبِهُ قَوْلَ الْمَثَلِ: الْكَلْبُ يَعُودُ إِلَى قَيْئِهِ، وَالْخِنْزِيرَةُ الْمَغْسُولَةُ إِلَى الْمَتَدَحْرَجِ فِي الْوَحْلِ.”

هكذا كتب بطرس بروح النبوة والتحذير، ليحفظ المؤمنين في طريق الحق، ويبعدهم عن تعاليم الضلال التي كانت تهدد كنيسته. وكانت كلماته تذكيرًا قويًا بأن الله قدير على حفظ الأتقياء، ولكنه أيضًا عادل في دينونة الأشرار.

LEAVE A RESPONSE

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *