الكتاب المقدس

أعياد الرب المقدسة في حياة بني إسرائيل

في الأيام القديمة، عندما كان بنو إسرائيل يسيرون في البرية بعد خروجهم من أرض مصر، كلم الرب موسى قائلاً: “كلم بني إسرائيل وقل لهم: أعياد الرب التي فيها تنادون محافل مقدسة، هذه هي أعيادي.” (سفر اللاويين 23: 1-2). وهكذا بدأ موسى يعلم الشعب عن الأعياد المقدسة التي أمرهم الرب أن يحتفلوا بها، كعلامة على عهدهم معه وتذكيرًا بأعماله العظيمة من أجلهم.

**عيد السبت الأسبوعي:**
أول هذه الأعياد كان السبت، اليوم السابع من الأسبوع. قال الرب: “ستة أيام يعمل عمل، وأما اليوم السابع ففيه سبت عطلة، محفل مقدس. لا تعملوا عملاً ما. إنه سبت للرب في جميع مساكنكم.” (اللاويين 23: 3). كان السبت يومًا للراحة والتأمل في أعمال الرب، يومًا يتوقف فيه الشعب عن كل أعمالهم اليومية ليتفرغوا لعبادة الرب وتمجيده. كان موسى يذكر الشعب بأن السبت هو علامة بينهم وبين الرب، تذكيرًا بأن الرب خلق السماوات والأرض في ستة أيام واستراح في اليوم السابع.

**عيد الفصح:**
ثم جاء عيد الفصح، العيد الأول في السنة. قال الرب: “في الشهر الأول، في اليوم الرابع عشر من الشهر، بين العشائين، فصح للرب.” (اللاويين 23: 5). كان الفصح تذكارًا لليلة التي نجى فيها الرب بني إسرائيل من الملاك المهلك في أرض مصر، عندما أمرهم أن يذبحوا خروفًا ويضعوا دمه على قوائم أبوابهم. في تلك الليلة، عبر الملاك عن بيوتهم، ومن هنا جاء اسم “الفصح”، أي العبور. كان الشعب يجتمعون ويأكلون خروف الفصح مع فطير ومر، تذكيرًا بالسرعة التي خرجوا بها من مصر.

**عيد الفطير:**
بعد الفصح مباشرة، كان عيد الفطير الذي يستمر سبعة أيام. قال الرب: “وفي اليوم الخامس عشر من هذا الشهر، عيد الفطير للرب. سبعة أيام تأكلون فطيرًا.” (اللاويين 23: 6). كان الفطير يرمز إلى التخلص من الخمير، الذي يمثل الخطية والشر. كان الشعب يمتنعون عن أكل أي خبز مختمر خلال هذه الأيام، ويقدمون ذبائح للرب كل يوم. في اليوم الأول واليوم السابع، كانوا يعقدون محافل مقدسة، يتوقفون فيها عن كل عمل ويجتمعون للعبادة.

**عيد الباكورة:**
عندما يدخل الشعب أرض الموعد ويبدأون في زراعة الحصاد، كان عليهم أن يقدموا أول حزم من حصادهم للرب. قال الرب: “متى جئتم إلى الأرض التي أعطيكم وحصدتم حصيدها، تأتون بحزمة أول حصيدكم إلى الكاهن.” (اللاويين 23: 10). كان الكاهن يرفع الحزمة أمام الرب كتعبير عن الشكر والاعتراف بأن كل بركة تأتي من يد الرب. كان هذا العيد يسمى “عيد الباكورة”، وكان يرمز إلى بداية موسم الحصاد واعتماد الشعب على الرب في إعطائهم الخير.

**عيد الخمسين (عيد الأسابيع):**
بعد عيد الباكورة بخمسين يومًا، كان الشعب يحتفل بعيد الخمسين، أو عيد الأسابيع. قال الرب: “وتعدون لكم من الغد بعد السبت، من يوم إتيانكم بحزمة الترديد، سبعة أسابيع كاملة. إلى الغد بعد السبت السابع تعدون خمسين يومًا.” (اللاويين 23: 15-16). في هذا العيد، كان الشعب يقدمون ذبيحة جديدة من الحنطة، ويجتمعون للعبادة والشكر. كان هذا العيد أيضًا وقتًا للفرح، حيث كانوا يقدمون جزءًا من غلتهم للفقراء والغرباء، تذكيرًا بأن البركات التي أعطاهم إياها الرب يجب أن تشارك مع الآخرين.

**عيد الأبواق:**
في اليوم الأول من الشهر السابع، كان عيد الأبواق. قال الرب: “في الشهر السابع، في الأول من الشهر، تكون لكم عطلة، ذكرى هتاف، محفل مقدس.” (اللاويين 23: 24). كان هذا اليوم يبدأ بعزف الأبواق، كعلامة على الاستعداد للاحتفالات القادمة وللتذكير بوصول وقت الدينونة. كان الشعب يجتمعون ويستمعون إلى صوت الأبواق، الذي كان يذكرهم بضرورة التوبة والاستعداد لملاقاة الرب.

**يوم الكفارة:**
بعد عيد الأبواق بعشرة أيام، كان يوم الكفارة، اليوم الأقدس في السنة. قال الرب: “أما اليوم العاشر من هذا الشهر السابع، فهو يوم الكفارة. يكون لكم محفل مقدس.” (اللاويين 23: 27). في هذا اليوم، كان الكاهن الأعظم يدخل إلى قدس الأقداس ليقدم ذبيحة عن خطايا الشعب. كان الشعب يصومون ويتوبون عن خطاياهم، ويطلبون الغفران من الرب. كان هذا اليوم يرمز إلى التطهير الكامل من الخطية والمصالحة مع الرب.

**عيد المظال:**
أخيرًا، كان عيد المظال، الذي يستمر سبعة أيام. قال الرب: “في اليوم الخامس عشر من الشهر السابع، يكون لكم عيد المظال سبعة أيام للرب.” (اللاويين 23: 34). كان الشعب يبنون مظالًا من أغصان الأشجار ويعيشون فيها خلال هذه الأيام، تذكيرًا بسنوات التيه في البرية وكيف أن الرب كان يحميهم ويرعاهم. كان هذا العيد وقتًا للفرح والشكر، حيث كان الشعب يجتمعون ويقدمون ذبائح للرب، ويحتفلون بكل البركات التي أعطاهم إياها.

وهكذا، كانت أعياد الرب علامات مقدسة في حياة بني إسرائيل، تذكرهم بعهدهم مع الرب وتشجعهم على العيش في طاعته. كانت هذه الأعياد فرصًا للشكر والفرح، وللتذكير بأن الرب هو مصدر كل بركة وحماية.

LEAVE A RESPONSE

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *