في تلك الأيام، بعد أن أعطى يشوع بن نون الأرض لكل الأسباط وأكمل تقسيمها، استدعى الأسباط الذين سكنوا في شرق الأردن، وهم سبط رأوبين وسبط جاد ونصف سبط منسى. كان هؤلاء الأسباط قد طلبوا من موسى من قبل أن يرثوا الأرض في شرق الأردن، لأنها كانت أرضًا خصبة لرعاية مواشيهم. وقد وافق موسى على طلبهم بشرط أن يعبروا الأردن مع بقية الأسباط ويحاربوا معهم حتى يستقر الجميع في أرض الموعد.
وبعد أن أكمل يشوع تقسيم الأرض وأراح الرب الشعب من أعدائهم، استدعى يشوع الأسباط الشرقية وقال لهم: “لقد حفظتم كل ما أمركم به موسى عبد الرب، وسمعتم لصوتي في كل ما أوصيتكم به. لم تتركوا إخوتكم طوال هذه الأيام العديدة، بل حفظتم وصية الرب إلهكم. والآن، بعد أن أراح الرب إخوتكم كما وعدهم، ارجعوا إلى خيامكم، إلى أرض ميراثكم التي أعطاكم إياها موسى عبد الرب في عبر الأردن. ولكن احرصوا أن تعملوا بوصية الشريعة التي أعطاكم إياها موسى عبد الرب، بأن تحبوا الرب إلهكم وتسلكوا في كل طرقه وتحفظوا وصاياه وتلتصقوا به وتعبدوه من كل قلوبكم ومن كل أنفسكم.”
ثم باركهم يشوع وصرفهم، فذهبوا إلى خيامهم في شرق الأردن. ولكن قبل أن يعبروا الأردن، بنى الأسباط الشرقية مذبحًا عظيمًا على ضفة النهر. وكان المذبح كبيرًا جدًا لدرجة أنه كان يمكن رؤيته من بعيد. وعندما سمع بنو إسرائيل الذين في غرب الأردن بهذا الأمر، تجمعوا في شيلوه ليصعدوا للحرب ضد إخوتهم في شرق الأردن.
أرسل بنو إسرائيل فينحاس بن ألعازار الكاهن وعشرة رؤساء معه، واحد من كل سبط من أسباط إسرائيل، ليواجهوا الأسباط الشرقية. وعندما وصلوا إليهم، قالوا لهم: “ما هذا الخيانة التي ارتكبتموها ضد إله إسرائيل ببناء مذبح لأنفسكم؟ ألستم تذكرون خطيئة فغور، عندما غضب الرب على الشعب بسبب عبادة الأوثان، وهلك الكثيرون؟ ألستم تدركون أنكم ببناء هذا المذبح تعصون الرب؟”
فأجاب الأسباط الشرقية: “الرب يعلم أننا لم نبني هذا المذبح لنجعل منه مكانًا للذبائح أو المحرقات. بل بنيناه كشهادة بيننا وبينكم، ولأجيالنا القادمة، أننا أيضًا لنا نصيب في عبادة الرب إله إسرائيل. خشينا أن يقول أبناؤكم في المستقبل لأبنائنا: ‘ما لكم وللرب إله إسرائيل؟ قد جعل الرب الأردن حدًا بيننا وبينكم، فلا نصيب لكم في الرب.’ فبنينا هذا المذبح كشهادة أننا نعبد الرب إلهنا، وليس لنا أي نية في التمرد عليه.”
عندما سمع فينحاس والرؤساء هذا الكلام، ارتاحوا جدًا. وقال فينحاس: “الآن نعلم أن الرب في وسطنا، لأنكم لم ترتكبوا هذه الخيانة ضد الرب. لقد أنقذتم إسرائيل من غضب الرب.” ثم عاد فينحاس والرؤساء إلى بني إسرائيل في غرب الأردن وأخبروهم بما قاله الأسباط الشرقية. ففرح الشعب جدًا وسبحوا الرب، ولم يعودوا يفكرون في الحرب ضد إخوتهم.
وأطلق الأسباط الشرقية على المذبح اسم “عد”، قائلين: “إنه شهادة بيننا أن الرب هو الإله.” وهكذا، عاد السلام بين الأسباط، واستمر الجميع في عبادة الرب بإخلاص.