الكتاب المقدس

تقدمة أليعازر: قلب نقي وطاعة للرب

في الأيام القديمة، عندما كان بنو إسرائيل يسيرون في البرية بعد خروجهم من أرض مصر، أعطاهم الرب تعاليمًا دقيقة حول كيفية تقديم الذبائح والتقدمات له. وكانت التقدمات علامة على الشكر والتكريم لله، الذي أخرجهم من العبودية وأرشدهم في طريقهم. ومن بين هذه التقدمات، كانت تقدمات الدقيق، التي وردت تفاصيلها في سفر اللاويين، الإصحاح الثاني.

كان هناك رجل اسمه أليعازر، من سبط لاوي، وكان يعيش في خيمة متواضعة مع عائلته. كان أليعازر رجلًا تقيًا، يحب الرب من كل قلبه، وكان دائمًا ما يسعى إلى إرضاء الله بتقديم التقدمات كما أمر. وفي أحد الأيام، قرر أليعازر أن يقدم تقدمَة دقيق للرب، كما ورد في الشريعة.

بدأ أليعازر بتحضير التقدمة بكل عناية. أخذ كمية من الدقيق الناعم، الذي كان قد طحنه بنفسه من حنطة طازجة. كان الدقيق أبيض نقيًا، كالثلج، علامة على النقاء والقداسة. ثم أضاف إليه زيتًا زيتونًا طازجًا، كان قد عصره من زيتون بستانه الخاص. كان الزيت ذهبي اللون، يلمع تحت أشعة الشمس، ويملأ المكان برائحة زكية. مزج أليعازر الدقيق بالزيت بعناية، حتى أصبحت العجينة ناعمة ومتماسكة.

ثم أخذ أليعازر القليل من اللبان، وهو بخور عطري، كان يستخدم في العبادة ليرمز إلى صلوات القديسين التي تصعد إلى السماء. وضع اللبان على التقدمة، كعلامة على أن هذه التقدمة ليست مجرد طعام، بل هي صلاة وشكر للرب.

بعد ذلك، أخذ أليعازر التقدمة إلى خيمة الاجتماع، حيث كان الكاهن ينتظر ليقبل التقدمة ويقدمها على المذبح. كان الكاهن يرتدي ثيابًا بيضاء، ترمز إلى الطهارة والقداسة، وكان وجهه يعكس خشوعًا عميقًا أمام الله. أخذ الكاهن التقدمة من أليعازر، ووضعها على المذبح، ثم أخذ حفنة من الدقيق الممزوج بالزيت مع كل اللبان، وأحرقها على المذبح. كانت النار تلتهم التقدمة، والدخان يتصاعد إلى السماء، كعلامة على قبول الله للتقدمة.

وبينما كان الدخان يتصاعد، صلى أليعازر بصوت خافت: “يا رب، اقبل هذه التقدمة من يد عبدك، واغفر لي خطاياي، وبارك بيتي وعائلتي.” وكان يشعر بسلام عميق يملأ قلبه، لأنه علم أن الرب قد قبل تقدمته.

أما بقية التقدمة، فقد كانت من حق الكاهن، كجزء من رزقه الذي أعطاه الرب لخدمة خيمة الاجتماع. أخذ الكاهن البقية وأكلها في مكان مقدس، مع أولاده، كعلامة على أن الله هو الذي يرزق خدامه.

وهكذا، كانت تقدمات الدقيق تذكيرًا لشعب إسرائيل بأن الله يريد من عباده أن يقدموا أفضل ما لديهم، ليس فقط من الذبائح الدموية، بل أيضًا من ثمار الأرض، كعلامة على الشكر والتكريم. وكانت هذه التقدمة ترمز إلى حياة الطاعة والقداسة التي يطلبها الرب من شعبه.

وفي نهاية اليوم، عاد أليعازر إلى خيمته، وهو يشعر بالفرح والرضا، لأنه علم أنه قد أرضى الرب بتقدمة قلبه. وكانت هذه القصة تتناقل بين بني إسرائيل، كتذكير بأن الله يقبل التقدمات التي تأتي من قلب نقي، ويدعو شعبه إلى العيش في قداسة وطاعة.

LEAVE A RESPONSE

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *