في اليوم الخمسين بعد قيامة الرب يسوع المسيح، كان التلاميذ مجتمعين معًا في أورشليم، منتظرين تحقيق وعد الآب الذي وعدهم به الرب يسوع. كانوا في علية كبيرة، حيث كانوا يجتمعون بانتظام للصلاة والشركة. وكان اليوم عيد الخمسين، وهو أحد الأعياد اليهودية العظيمة، حيث كان اليهود من كل الأمم يأتون إلى أورشليم للاحتفال.
وفي ذلك اليوم، بينما كان التلاميذ مجتمعين، حدث شيء عجيب. فجأة، سُمع صوت من السماء كصوت ريح عاصفة، وملأ كل البيت الذي كانوا جالسين فيه. وظهرت لهم ألسنة كأنها من نار، واستقرت على كل واحد منهم. وامتلأ الجميع من الروح القدس، وبدأوا يتكلمون بلغات أخرى، كما أعطاهم الروح أن ينطقوا.
وكان في أورشليم آنذاك يهود أتقياء من كل أمة تحت السماء. فلما سمعوا هذا الصوت، اجتمع جمع كثير، وتحيروا لأن كل واحد كان يسمعهم يتكلمون بلغته الخاصة. فبهت الجميع وتعجبوا قائلين: “أليس هؤلاء المتكلمون كلهم جليليون؟ فكيف نسمع نحن كل واحد منا لغته التي وُلد فيها؟ فرتيون وماديون وعيلاميون، والساكنون ما بين النهرين، واليهودية وكبادوكية وبونتس وآسيا، وفريجية وبمفيلية ومصر ونواحي ليبية التي نحو القيروان، والرومانيون المستوطنون، يهود ودخلاء، كريتيون وعرب، نسمعهم يتكلمون بألسنتنا بعظائم الله!”
فوقف بطرس مع الأحد عشر، ورفع صوته وقال لهم: “أيها الرجال اليهود، والساكنون في أورشليم أجمعون، ليكن هذا معلوما عندكم، وأصغوا إلى كلامي. فإن هؤلاء ليسوا سكارى كما أنتم تظنون، لأنها الساعة الثالثة من النهار. ولكن هذا ما قيل بيوئيل النبي: ‘ويكون في الأيام الأخيرة، يقول الله، أني أسكب من روحي على كل بشر، فيتنبأ بنوكم وبناتكم، ويرى شبابكم رؤى، ويحلم شيوخكم أحلاما. وعلى عبيدي أيضا وإمائي أسكب من روحي في تلك الأيام، فيتنبأون. وأعطي عجائب في السماء من فوق، وآيات على الأرض من أسفل، دما ونارا وبخار دخان. وتتحول الشمس إلى ظلمة، والقمر إلى دم، قبل أن يجيء يوم الرب العظيم الشهير. ويكون كل من يدعو باسم الرب يخلص.'”
ثم واصل بطرس كلامه قائلًا: “أيها الرجال الإسرائيليون، اسمعوا هذه الأقوال: يسوع الناصري، رجل قد تبرهن لكم من قبل الله بقوات وعجائب وآيات صنعها الله بيده في وسطكم، كما أنتم أيضا تعلمون. هذا أخذتموه مسلما بمشورة الله المحتومة وعلمه السابق، وبأيدي أثمة صلبتموه وقتلتموه. الذي أقامه الله ناقضا أوجاع الموت، إذ لم يكن ممكنا أن يُمسك منه.”
ثم استشهد بطرس بكلام داود النبي، قائلًا: “لأن داود يقول فيه: ‘كنت أرى الرب أمامي في كل حين، لأنه عن يميني لكي لا أتزعزع. لذلك سرّ قلبي، وتهلل لساني، وجسدي أيضا سيسكن على رجاء، لأنك لن تترك نفسي في الهاوية، ولا تدع قدوسك يرى فسادا. عرّفتني سبل الحياة، وستملأني سرورا مع وجهك.'”
ثم أضاف بطرس: “أيها الرجال الإخوة، يسوغ أن يقال لكم جهارا عن رئيس الآباء داود، أنه مات ودفن، وقبره عندنا حتى هذا اليوم. فإذ كان نبيا، وعلم أن الله حلف له بقسم أنه من ثمرة صلبه يقيم المسيح حسب الجسد ليجلس على كرسيه، سبق فرأى وتكلم عن قيامة المسيح، أنه لم تُترك نفسه في الهاوية، ولا رأى جسده فسادا. فيسوع هذا أقامه الله، ونحن جميعا شهود لذلك.”
وبعد أن سمع الجمع هذا الكلام، نخسوا في قلوبهم، وقالوا لبطرس ولسائر الرسل: “ماذا نصنع أيها الرجال الإخوة؟” فقال لهم بطرس: “توبوا وليعتمد كل واحد منكم على اسم يسوع المسيح لغفران الخطايا، فتقبلوا عطية الروح القدس. لأن الموعد هو لكم ولأولادكم، ولكل الذين على بعد، كل من يدعوه الرب إلهنا.”
وبكلام آخر كثير أوضح لهم بطرس وشهد، قائلًا: “اخلصوا من هذا الجيل الملتوي.” فقبلوا كلامه بفرح، واعتمدوا، وانضم في ذلك اليوم نحو ثلاثة آلاف نفس.
وكانوا يواظبون على تعليم الرسل، والشركة، وكسر الخبز، والصلوات. وصار خوف على كل نفس، وصنعت عجائب وآيات كثيرة بواسطة الرسل. وكان جميع الذين آمنوا معا، وكان عندهم كل شيء مشتركا. وكانوا يبيعون ممتلكاتهم وأموالهم، ويقسمونها بين الجميع، كما يكون لكل واحد احتياج. وكل يوم كانوا يواظبون بنفس واحدة في الهيكل، وفي البيوت كانوا يكسرون الخبز، ويتناولون الطعام بابتهاج وبساطة قلب، مسبحين الله، ولهم نعمة لدى جميع الشعب. وكان الرب كل يوم يضم إلى الكنيسة الذين يخلصون.