في قديم الزمان، في أرض إسرائيل، كان هناك رجل تقي يُدعى آساف. كان آساف من اللاويين، خادمًا في هيكل الرب، يعزف على القيثارة ويسبح لله بأغانيه. لكن آساف كان يعاني من صراع داخلي عميق. كان قلبه يمتلئ بالحيرة والارتباك عندما كان ينظر إلى الأشرار من حوله، الذين يبدو أنهم يعيشون في راحة وازدهار، بينما هو، كخادم للرب، يمر بأوقات صعبة.
في أحد الأيام، بينما كان آساف جالسًا في هيكل الرب، بدأ يفكر في حال الأشرار. رأى أنهم يعيشون في سلام، وأجسادهم قوية وصحية، وثرواتهم تزداد يومًا بعد يوم. لم يكن لديهم هموم أو مشاكل، بل كانوا يتباهون بخطاياهم وكأنها شيء عادي. قال آساف في قلبه: “هل عبادة الرب باطلة؟ هل هناك فائدة من طهارة قلبي وطاعتي لله؟”
كان آساف يشعر بالظلم. لقد حاول أن يعيش حياة مقدسة، لكنه رأى أن الأشرار ينجحون في كل شيء، بينما هو يعاني. شعر وكأنه قد أضاع وقته في عبادة الرب، وكأنه كان يركض في طريق خاطئ. لكن آساف كان يعلم أن هذه الأفكار ليست صحيحة، فقرر أن يدخل إلى قدس الأقداس، حيث يلتقي مع الله وجهًا لوجه.
عندما دخل آساف إلى قدس الأقداس، بدأ يتحدث مع الرب بصراحة. قال: “يا رب، أنا مرتبك. أرى الأشرار يعيشون في راحة، وهم يزدادون غنى وقوة. يبدو أنهم لا يعانون من أي مشاكل، بينما أنا، خادمك، أعاني من الضيقات. هل هذا عدل؟”
وفي تلك اللحظة، أضاءت نعمة الرب في قلب آساف. بدأ يفهم أن نجاح الأشرار مؤقت، وأن نهايتهم ستكون مروعة. قال الرب في قلبه: “يا آساف، لا تغار من الأشرار. إن نجاحهم زائل، ومجدهم سينتهي. هم مثل الحلم الذي يتبخر عند الاستيقاظ. عندما تستيقظ، يا آساف، سترى أنهم كانوا مثل السراب، لا وجود حقيقي لهم.”
ثم أدرك آساف أن الله هو ملجأه الوحيد. قال في قلبه: “من لي في السماء غيرك؟ وعلى الأرض لا أريد سواك. جسدي وقلبي قد يكلان، ولكن الله هو قوة قلبي ونصيبي إلى الأبد.”
بدأ آساف يشعر بالسلام الذي يفوق كل فهم. أدرك أن الأشرار، رغم نجاحهم الظاهري، هم بعيدون عن الله، وأن نهايتهم ستكون الهلاك. أما هو، فكان قريبًا من الله، وهذا هو الأهم. قال في قلبه: “إن الذين يبتعدون عنك يهلكون. كل من يزني عنك يفنيه. أما أنا، فقربي من الله حسن. جعلت السيد الرب ملجأي لأخبر بكل صنائعك.”
خرج آساف من قدس الأقداس بقلب جديد. لم يعد يشعر بالحسد أو الغيرة من الأشرار. بدأ يسبح للرب بأغانيه، معبرًا عن امتنانه لقربه من الله. قال في أغنيته: “من لي في السماء غيرك؟ وعلى الأرض لا أريد سواك. جسدي وقلبي قد يكلان، ولكن الله هو قوة قلبي ونصيبي إلى الأبد.”
ومن ذلك اليوم، أصبح آساف يعلم الجميع أن قرب الله هو الكنز الحقيقي. وأن نجاح الأشرار مؤقت، ولكن رحمة الله أبدية. وأن الذين يثقون بالرب سيكونون في أمان إلى الأبد.
وهكذا، تعلم آساف أن الله هو العدل الحقيقي، وأنه سيجازي كل إنسان حسب أعماله. وأن الأشرار، رغم نجاحهم الظاهري، هم في طريقهم إلى الهلاك، أما الأبرار، فسيكونون في حضرة الله إلى الأبد.