الكتاب المقدس

قصة الحب الأبدي في نشيد الأنشاد: حوار العروس والعريس

في قصة نشيد الأنشاد، الإصحاح الثامن، نجد حوارًا عميقًا مليئًا بالعواطف الجياشة بين العروس والعريس، يعبر عن قوة الحب الذي لا يُقهر. لنروي هذه القصة بتفاصيلها الوصفية العميقة، مع الحفاظ على الدقة اللاهوتية.

كانت العروس تسير في الحقول الخضراء الممتلئة بأزهار الربيع، حيث الهواء العليل يعبق برائحة الياسمين والورد. كانت تبحث عن عريسها، الذي كان قلبها متعلقًا به منذ الأزل. قالت في نفسها: “ليتك كأخ لي، الذي رضع ثديي أمي، فأجدك في الخارج وأقبلك، ولا يخزيني أحد.” كانت تشتاق إليه اشتياقًا شديدًا، وكأن روحها لا تستطيع أن تهدأ إلا بوجوده.

وفي لحظة من اللحظات، رأت العريس قادمًا من بعيد، مشيه كالغزال على الجبال، قويًا ورشيقًا. فانطلقت نحوه بقلب مليء بالفرح، وقالت له: “أمسكيني كخاتم على قلبك، كخاتم على ذراعك، لأن الحب قوي كالموت، والغيرة قاسية كالهاوية. لهيبها لهيب نار، لهيب الرب.” كانت كلماتها تعبر عن عمق حبها له، حب لا يُقهر ولا ينتهي، حب يشبه نارًا مقدسة لا تُطفأ.

فأجابها العريس بصوت ناعم كنسيم الصباح: “المياه الكثيرة لا تستطيع أن تطفئ الحب، والسيول لا تغمره. إن أعطى الإنسان كل ثروة بيته بدل الحب، فإنه يحتقر احتقارًا.” كانت كلماته تفيض بالحكمة، مؤكدًا أن الحب الحقيقي لا يُشترى بالمال ولا يُقاس بالثروات، بل هو هبة من الله، قوية كالموت، وغير قابلة للانكسار.

ثم نظر العريس إلى العروس بعينين مليئتين بالعطف والحنان، وقال لها: “لنا أخت صغيرة ليس لها ثديان. ماذا نصنع لأختنا يوم يُخاطَب فيها؟” كانت كلماته تعكس اهتمامه ليس فقط بها، بل بكل من حولهما، حتى الأخت الصغيرة التي لم تكتمل بعد. فأجابت العروس بفطنة: “إن كانت سورًا، نبنى عليها شرفات من فضة. وإن كانت بابًا، نطوقها بخشب الأرز.” كانت تظهر بذلك حكمتها ورغبتها في بناء حياة قوية ومتينة، مثل السور الذي يحمي المدينة.

ثم التفت العريس إلى العروس وقال: “أنا سور، وثديّ كبرجين. حينئذٍ كنت في عينيه كالواحدة التي وجدت سلامًا.” كانت كلماته تعبر عن قوته وحمايته لها، وكيف أنه كان دائمًا مصدر أمانها وسلامها. فأجابت العروس بقلب ممتلئ بالامتنان: “كان لسليمان كرم في بعل هامون. دفع الكرم لحُرّاسه، كل واحد يأتي بثمره ألفًا من الفضة.” كانت تشير إلى بركة الله التي تحيط بهما، وكيف أن كل ما يملكانه هو هبة من السماء.

وفي النهاية، نظر العريس إلى العروس وقال: “أيتها الجالسة في الجنائن، الأصحاب يصغون إلى صوتك. أسمعيني إياه.” كانت كلماته تعبر عن رغبته في سماع صوتها، صوت الحب والإخلاص الذي يملأ قلبه بالفرح. فأجابت العروس بصوت ناعم كالنسيم: “اهرب يا حبيبي، وكن كالظبي أو كغفر الأيائل على جبال الأطياب.” كانت تدعوه إلى الهروب معها إلى حيث الطبيعة الجميلة، بعيدًا عن ضجيج العالم، ليعيشا معًا في سلام ومحبة.

هذه القصة تعكس قوة الحب الذي لا يُقهر، الحب الذي يشبه نارًا مقدسة لا تُطفأ، والحب الذي يعبر عن العلاقة العميقة بين الله وشعبه، أو بين المسيح والكنيسة. إنه حب قوي، مقدس، ودائم، يعلمنا أن الحب الحقيقي هو هبة من الله، ولا يمكن لأي شيء في العالم أن يفصله.

LEAVE A RESPONSE

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *