الكتاب المقدس

نبوة إرميا: رجاء في ظلام سقوط أورشليم

في الأيام التي سبقت سقوط أورشليم، كان الرب قد كلّم إرميا النبي بكلمات عميقة ومليئة بالرجاء، رغم الظلام الذي كان يلفّ شعب إسرائيل. كانت الأمة تحت وطأة الخطيئة، وقد أعلن الرب دينونته عليها، لكن في وسط هذا الظلام، كانت هناك بذرة رجاء تُزرع في قلوب المؤمنين.

بدأ إرميا النبي يتحدّث بكلمات الرب قائلاً: “هكذا يقول الرب إله إسرائيل: اكتب كل الكلام الذي كلمتك به في سفر. لأنه ها أيام تأتي، يقول الرب، وأرد سبي شعبي إسرائيل ويهوذا، يقول الرب، وأرجعهم إلى الأرض التي أعطيت آباءهم إياها فيملكونها.”

كانت كلمات الرب تلمس قلب إرميا بعمق، فهو يعلم أن الشعب يعاني من جراء خطاياهم، لكنه رأى في هذه الكلمات نورًا يشرق في نهاية النفق. واصل إرميا نقل كلمات الرب: “لأنه هكذا قال الرب: قد سمعنا صوت رعدة، خوفًا ولا سلام. اسألوا الآن وانظروا: هل يلد ذكر؟ فلماذا رأيت كل رجل ويداه على حقويه كامرأة تلد، وتحوّلت كل الوجوه إلى صفرة؟”

كانت هذه الصورة القوية تصف حالة الشعب، الذين كانوا يعانون من الخوف والرعدة بسبب دينونة الرب. لكن الرب وعد بأن هذه الآلام ليست نهاية القصة. فقال الرب: “ويل! لأن ذلك اليوم عظيم، وليس مثله. وهو زمان ضيق على يعقوب، ولكن منه يخلص.”

ثم تابع الرب كلامه لإرميا، واصفًا كيف سينقذ شعبه من الضيق: “فأكسر نيره عن عنقك، وأقطع قيودك، ولا يستعبدك الأجانب بعد. بل يخدمون الرب إلههم وداود ملكهم الذي أقيمه لهم.”

كانت هذه الكلمات تلمح إلى العهد الجديد الذي سيأتي به المسيا، الذي سيحرّر شعبه من عبودية الخطيئة ويقيم ملكوتًا أبديًا. ووعد الرب بأنه سيجمع شعبه من كل الأمام ويُعيدهم إلى أرضهم، حيث سيعيشون في سلام وأمان.

ثم قال الرب: “لأني أنا معك، يقول الرب، لأنقذك. لأني أصنع فناءًا بكل الأمم الذين بددتك بينهم، وأما أنا فلا أصنع بك فناءًا، بل أؤدبك بالعدل، فلا أبرئك بريئًا.”

كانت هذه الكلمات تعكس محبة الرب لشعبه، رغم تأديبه لهم. فالتأديب كان من أجل إصلاحهم وإعادتهم إلى الطريق المستقيم. ووعد الرب بأنه سيشفي جراحهم ويعيد إليهم الصحة والفرح.

وختم الرب كلامه قائلاً: “ها أيام تأتي، يقول الرب، وأقيم لداود غصن برّ، فيملك ملك وينجح، ويجري حقًا وعدلًا في الأرض. في أيامه يخلص يهوذا، ويسكن إسرائيل آمنًا، وهذا هو اسمه الذي يدعونه به: الرب برنا.”

كانت هذه النبوة تشير إلى المسيا المنتظر، الذي سيأتي من نسل داود ويحقق الخلاص لشعبه. وكانت كلمات الرب تبعث الأمل في قلوب المؤمنين، الذين كانوا ينتظرون تحقيق هذه النبوة.

وهكذا، نقل إرميا النبي كلمات الرب إلى الشعب، وكانت هذه الكلمات بمثابة نور في ظلام الأيام الصعبة. رغم الآلام والتأديب، كان هناك وعد بالخلاص والرجاء، وعد بأن الرب لن يتخلّى عن شعبه أبدًا.

LEAVE A RESPONSE

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *