الكتاب المقدس

أليفاز وناحوم: درس في الحكمة والتقوى

في قديم الزمان، في قرية صغيرة تدعى بيت الحكمة، كان هناك رجل يُدعى أليفاز. كان أليفاز رجلاً غنياً، يمتلك أراضي شاسعة وقطعاناً كبيرة من الماشية. لكنه لم يكن معروفاً بكرمه أو حكمته، بل كان يعيش حياته بعيداً عن الله، متكلًا على ثروته وقوته. كان يعتقد أن المال هو كل شيء، وأنه قادر على شراء كل ما يريده، حتى السعادة والسلام.

في يوم من الأيام، بينما كان أليفاز يجلس في قصره الفخم، مرَّ رجل فقير يدعى ناحوم عند بوابة القصر. كان ناحوم رجلاً تقياً، يعيش حياة بسيطة مع زوجته وأطفاله. كان يعمل في الحقل طوال النهار، ويصلي بقلب مخلص لله في المساء. على الرغم من فقره، كان ناحوم يشعر بالرضا والسلام، لأنه كان يعلم أن الله معه.

وقف ناحوم عند بوابة القصر، وطلب من الخدم أن يسمحوا له بمقابلة أليفاز. كان لديه رسالة مهمة يريد أن يوصلها إليه. بعد بعض الانتظار، أُدخل ناحوم إلى القصر، حيث كان أليفاز يجلس على كرسيه الذهبي، محاطاً بثروته الفاخرة.

نظر أليفاز إلى ناحوم باحتقار وسأله: “ماذا تريد أيها الفقير؟ هل جئت لتطلب صدقة؟”

أجاب ناحوم بهدوء: “لا، يا سيدي. جئت لأقدم لك نصيحة من القلب. لقد قرأت في كتاب الحكمة: ‘الفقر مع الاستقامة خير من الغنى مع الظلم.’ (أمثال 19:1). أريد أن أنبهك إلى أن ثروتك لن تحميك من غضب الله إذا كنت تعيش بعيداً عن طريقه.”

ضحك أليفاز ساخراً وقال: “هل تعتقد أنني بحاجة إلى نصيحتك؟ أنا أملك كل شيء، ولا يحتاجني أحد لأعطيه شيئاً. اذهب عني أيها الفقير، ودعني أستمتع بثروتي.”

خرج ناحوم من القصر حزيناً، لكنه لم يفقد الأمل. عاد إلى بيته وصلى من أجل أليفاز، طالباً من الله أن يفتح عينيه ليرى الحقيقة.

بعد فترة، حدثت كارثة في القرية. هبت عاصفة شديدة دمرت جزءاً كبيراً من أراضي أليفاز، وأهلكت قطعانه. في نفس الوقت، مرض أليفاز مرضاً شديداً، ولم يستطع الأطباء علاجه. بدأ أليفاز يشعر باليأس، وأدرك أن ثروته لم تستطع أن تنقذه من المصائب التي حلَّت به.

في ليلة مظلمة، بينما كان أليفاز يعاني من الألم، تذكر كلمات ناحوم. ندم على غروره واستهزائه بالرجل الفقير. قرر أن يبحث عن ناحوم ليعتذر منه ويطلب نصيحته.

في الصباح، ذهب أليفاز إلى بيت ناحوم، وكان يرتجف من الضعف. عندما رآه ناحوم، شعر بالشفقة عليه وأدخله إلى بيته. قال أليفاز: “لقد أخطأت بحقك وبحق الله. سامحني وعلّمني كيف أعيش حياة تقية.”

أجاب ناحوم: “التوبة هي أول خطوة نحو الله. اترك غرورك وثقتك في المال، واتكل على الله. هو الذي يعطي الحكمة والبركة.”

منذ ذلك اليوم، تغيرت حياة أليفاز. بدأ يعيش حياة بسيطة، ويتعلم من ناحوم كيف يكون تقياً ومتواضعاً. وزع جزءاً من ثروته على الفقراء، وأصبح معروفاً بكرمه وحكمته. وعندما شفي من مرضه، شكر الله على نعمته ورحمته.

ومنذ ذلك الحين، أصبحت قرية بيت الحكمة مكاناً للسلام والبركة، لأن أليفاز وناحوم عملا معاً لتعليم الناس أهمية الحكمة والتقوى. وتذكر الجميع قول الحكيم: “الفقر مع الاستقامة خير من الغنى مع الظلم، والرحمة خير من الذبيحة.” (أمثال 19:1، 19:22).

LEAVE A RESPONSE

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *