الكتاب المقدس

بناء هيكل سليمان: بيت الرب في أورشليم

في الأيام التي كان فيها سليمان بن داود ملكًا على إسرائيل، قرر أن يبني بيتًا عظيمًا لاسم الرب، كما أوصاه أبوه داود قبل وفاته. وكان هذا البيت هو الهيكل المقدس، مكانًا لعبادة الرب وإقامة شعائره. فبدأ سليمان العمل في بناء الهيكل في أورشليم، على جبل المريا، حيث ظهر الرب لداود أبيه، في المكان الذي هيأه أرنان اليبوسي على بيدرته.

وكان اليوم الأول للبناء يومًا عظيمًا، حيث تجمع الشعب ورؤساء القبائل والكهنة ليشهدوا بدء هذا العمل الجليل. وقف سليمان أمام الجميع وصلى طالبًا بركة الرب على هذا المشروع العظيم. ثم بدأ العمال في حفر الأساسات، وكانت الأحجار تُقطع بدقة من المحاجر المجاورة، حيث لا يُسمع صوت مطرقة أو أداة حديدية في مكان البناء نفسه، تحقيقًا لوصية الرب.

كان طول الهيكل ستين ذراعًا، وعرضه عشرين ذراعًا، وارتفاعه ثلاثين ذراعًا. وبنى سليمان أمام الهيكل رواقًا عظيمًا، طوله عشرون ذراعًا، بارتفاع الهيكل نفسه، وغطاه بذهب نقي من الداخل. ثم أمر بتغطية الجدران الداخلية للهيكل بخشب الأرز المزخرف بنقوش جميلة من أشكال الكروبيم والنخيل والزهور، وكلها مغطاة بذهب خالص.

وفي قدس الأقداس، بنى سليمان الكروبيم العظيمين، وهما مخلوقان سماويان مجنحان، طول كل منهما عشر أذرع. وكانت أجنحتهما ممتدة لتمس كل جناح خمسة أذرع، فكانت أجنحة الكروبيم تلامس بعضها البعض في وسط القدس، بينما كانت الأجنحة الأخرى تلامس الجدران. وغطى سليمان الكروبيم بذهب نقي، مما أعطاهم مظهرًا سماويًا يبعث الرهبة في قلوب كل من يراهم.

أما أرضية الهيكل، فقد غطاها سليمان بخشب السرو، ثم غطى الخشب بذهب نقي. كما صنع ستارًا فاخرًا يفصل بين القدس وقدس الأقداس، مصنوعًا من أقمشة أرجوانية وقرمزية وبراقة، ومطرزًا بأشكال الكروبيم. وكان هذا الستار رمزًا لفصل البشر عن قدسية الله العظيم.

وفي الخارج، بنى سليمان أعمدة ضخمة من النحاس، ارتفاع كل منها ثمانية عشر ذراعًا، ووضعها أمام مدخل الهيكل. ووضع على رأس كل عمود تاجًا مزخرفًا بشكل زهور الزنبق، مما أعطى الهيكل مظهرًا مهيبًا وجميلًا. كما صنع بحرًا من النحاس، وهو وعاء ضخم دائري يستخدم للاغتسال الطقسي، ووضعه في الجهة اليمنى من الهيكل.

واستمر العمل في بناء الهيكل سبع سنوات، وكان سليمان يشرف على كل تفصيلة باهتمام بالغ، مؤكدًا أن كل شيء يتم وفقًا لوصية الرب. وعندما اكتمل البناء، جمع سليمان شيوخ إسرائيل ورؤساء الأسباط ليحضروا احتفال تدشين الهيكل. وكانت تلك لحظة عظيمة في تاريخ إسرائيل، حيث امتلأ الهيكل بمجد الرب، وظهرت سحابة كثيفة تغطي المكان، حتى أن الكهنة لم يستطيعوا الوقوف للخدمة بسبب مجد الرب الذي ملأ البيت.

وهكذا تم بناء الهيكل، بيت الرب، في أورشليم، ليصبح مركز العبادة والتقرب إلى الله لسنوات عديدة. وكان هذا الهيكل رمزًا لعهد الله مع شعبه، ومكانًا لاستقبال صلواتهم وتقدماتهم.

LEAVE A RESPONSE

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *