في الأيام التي تلت عودة شعب إسرائيل من السبي البابلي، كان الرب يعمل على إعادة بناء الهيكل وإصلاح قلوب شعبه. وفي وسط هذه الأحداث، أُعطي النبي زكريا رؤيا عظيمة تحمل رسالة رجاء وتطهير لشعبه. وكانت هذه الرؤيا تتعلق بيهوشع الكاهن العظيم، الذي كان يمثل دور الكهنوت في ذلك الوقت.
في الرؤيا، رأى زكريا يهوشع الكاهن واقفًا أمام ملاك الرب، وكان الشيطان واقفًا عن يمينه ليقاومه. وكان يهوشع يرتدي ثيابًا قذرة، رمزًا لخطايا الشعب وعدم أهليتهم للوقوف أمام الله. لكن ملاك الرب، الذي كان يمثل حضور الله القوي، وقف للدفاع عن يهوشع. فقال الملاك للشيطان: “لينتهرك الرب يا شيطان! لينتهرك الرب الذي اختار أورشليم. أفليس هذا شعلة مُنقذة من النار؟”
ثم التفت الملاك إلى يهوشع الذي كان واقفًا بثيابه القذرة، وأمر الذين كانوا واقفين أمامه قائلًا: “انزعوا عنه الثياب القذرة.” ثم قال ليهوشع: “ها أنا قد أزلت عنك إثمك وألبسك ثيابًا بهية.” ففعلوا كما أمر الملاك، ونزعوا الثياب القذرة عن يهوشع وألبسوه ثيابًا نظيفة وبراقة، كرمز لتطهيره من خطاياه واستعداده للخدمة المقدسة.
وبعد ذلك، قال الملاك ليهوشع: “إن سلكت في طريقي وحفظت شعائري، فستقضي في بيتي وتحرس دياري، وسأعطيك سلطانًا للوصول إلى الذين يقفون هنا.” وكان هذا وعدًا بأن يهوشع سيكون له دور قيادي في خدمة الله إذا بقي أمينًا.
ثم أعطى الملاك لزكريا تفسيرًا أعمق لهذه الرؤيا، قائلًا: “اسمع يا يهوشع الكاهن العظيم، أنت ورفاقك الجالسون أمامك، لأنهم رجال آية. فها أنا آتي بعبدي الغُصن.” وكان هذا إشارة إلى المسيا المنتظر، الذي سيأتي ليكمل عمل التطهير والخلاص. وأضاف الملاك: “ها أنا قد نقشت على الحجر الواحد سبعة عيون، وسأنقش نقشه، يقول رب الجنود، وأزيل إثم تلك الأرض في يوم واحد.”
وفي ذلك اليوم، يقول رب الجنود، سيدعو كل واحد صاحبه تحت الكرمة وتحت التينة. وكانت هذه صورة للسلام والبركة التي ستأتي عندما يتم تطهير الأرض وإزالة الخطية.
وهكذا، كانت رؤيا زكريا ليهوشع الكاهن رسالة قوية عن نعمة الله التي تطهر وتجدد. فبالرغم من خطايا الشعب وإخفاقاتهم، كان الله مستعدًا أن يغفر ويطهر، وأن يعدهم لخدمة مقدسة في بيته. وكانت هذه الرؤيا أيضًا تذكيرًا بعهد الله مع شعبه، وبالمسيا المنتظر الذي سيأتي ليكمل عمل الفداء.
فخرج زكريا من هذه الرؤيا وهو ممتلئ بالرجاء، عارفًا أن الله لن يتخلى عن شعبه، بل سيعمل على تطهيرهم وإعدادهم ليكونوا نورًا للأمم، وليكونوا شعبًا مقدسًا له.
