في الأيام التي تلت عودة بني إسرائيل من السبي البابلي، اجتمع الشعب في أورشليم تحت قيادة عزرا الكاتب، الرجل الذي كان قلبه مليئًا بالغيرة على ناموس الرب. كان عزرا قد علم أن بعضًا من الشعب، بما فيهم الكهنة واللاويين، قد تزوجوا نساءً من الأمم المحيطة، الأمر الذي كان مخالفًا لوصية الرب التي حذرت من الارتباط بشعوب تلك الأرض لئلا يفسدوا قلوبهم ويبتعدوا عن عبادة الإله الحقيقي.
فجمع عزرا الشعب في ساحة الهيكل، وكان اليوم ممطرًا بغزارة، وكأن السماء كانت تبكي على خطية الشعب. وقف عزرا أمام الجميع، وارتدى ثيابًا ممزقة كعلامة على الحزن والتوبة، ورفع صوته بالبكاء والصراخ، مصليًا إلى الرب طالبًا الغفران. قال: “يا رب، لقد أخطأنا أمامك. لقد تزوجنا نساءً غريبات من شعوب هذه الأرض، ولم نحفظ وصيتك. ولكن الآن، نعترف بخطايانا ونطلب رحمتك.”
وبينما كان عزرا يصلي ويبكي، بدأ الشعب يبكون أيضًا، واعترفوا بخطاياهم. ثم وقف شكنيا بن يحيل من بني عيلام وقال لعزرا: “لقد خنّا إلهنا بتزوجنا نساءً غريبات، ولكن هناك أمل. فلنقطع عهدًا مع الرب أن نطلق كل النساء الغريبات وأولادهن، ولنعمل حسب الناموس. قم أنت وكل الذين يخافون كلام إلهنا، ولنفعل ما هو مستقيم أمام الرب.”
فاستجاب عزرا للاقتراح، وأخذ يمينًا من الكهنة واللاويين وشيوخ إسرائيل أن يفعلوا كما قال شكنيا. ثم أعلن عزرا أن على كل الرجال الذين تزوجوا نساءً غريبات أن يجتمعوا في أورشليم خلال ثلاثة أيام، وإلا فإن ممتلكاتهم ستُصادر ويُفصلون عن جماعة المنفيين.
وفي اليوم المحدد، اجتمع الشعب في أورشليم، وكانت السماء لا تزال تمطر، وكأن الطبيعة نفسها كانت تشارك في جو التوبة. جلس الشعب في ساحة الهيكل، مرتعدين من الأمر ومن المطر. وقف عزرا أمامهم وقال: “لقد أخطأتم بتزوجكم نساءً غريبات، وأثمتم أمام الرب. والآن، اعترفوا بخطيتكم، وافعلوا ما هو مستقيم أمام الرب: افصلوا أنفسكم عن شعوب الأرض وعن النساء الغريبات.”
فاستجاب الشعب لقول عزرا، وبدأوا في إجراءات فصل النساء الغريبات وأولادهن. تم تعيين قضاة لكل مدينة لينظروا في كل حالة على حدة. واستمرت العملية لعدة أشهر، حيث كان كل رجل يُحضر زوجته الغريبة وأولاده أمام القضاة، ويتم فصلهم وفقًا للناموس.
كانت الأيام صعبة ومؤلمة، فالكثيرون كانوا مرتبطين عاطفيًا بزوجاتهم وأولادهم، ولكنهم أطاعوا ناموس الرب بقلوب منكسرة. وكان عزرا يشجعهم قائلًا: “الرب إلهنا رحيم وغفور، وهو يريد أن يطهرنا لنكون شعبه المقدس. هذه الآلام الآن هي من أجل بركتنا في المستقبل.”
وفي النهاية، تمت المصالحة بين الشعب والرب، وعادت أورشليم لتكون مركزًا لعبادة الإله الحقيقي. وكان عزرا قدوة في القيادة الروحية، حيث قاد الشعب في طريق التوبة والطاعة. وهكذا، تعلم بنو إسرائيل أن طاعة الرب، وإن كانت مؤلمة في البداية، فإنها تؤدي إلى الحياة والبركة.