الكتاب المقدس

صراع الإنسان مع الخطيئة وخلاص المسيح

في يوم من الأيام، بينما كان الرسول بولس يجلس في غرفته الصغيرة المضاءة بضوء خافت من مصباح زيتي، كان يفكر بعمق في صراع الإنسان مع الخطيئة. كان يعلم أن هذا الصراع هو جزء من التجربة الإنسانية، وقد أراد أن يكتب عن هذا الموضوع لمساعدة المؤمنين في روما على فهمه بشكل أفضل. فبدأ يكتب بروح مليئة بالحكمة والإلهام الإلهي.

كتب بولس: “أَمَا تَعْلَمُونَ أَيُّهَا الإِخْوَةُ – لأَنِّي أُكَلِّمُ العَارِفِينَ بِالنَّامُوسِ – أَنَّ النَّامُوسَ يَسُودُ عَلَى الإِنْسَانِ مَا دَامَ حَيًّا؟” (رومية 7: 1). كان بولس يشير إلى أن الناموس، أي شريعة موسى، كانت لها سلطة على الإنسان طالما كان حيًا. لكنه أراد أن يوضح أن المؤمنين، الذين ماتوا مع المسيح، قد تحرروا من سلطة الناموس.

ثم واصل بولس شرحه بمثال عملي: “فَإِنَّ الْمَرْأَةَ الَّتِي تَحْتَ رَجُلٍ هِيَ مُرْتَبِطَةٌ بِالنَّامُوسِ بِالرَّجُلِ الْحَيِّ. وَلكِنْ إِنْ مَاتَ الرَّجُلُ، فَقَدْ تَحَرَّرَتْ مِنْ نَامُوسِ الرَّجُلِ.” (رومية 7: 2). كان بولس يستخدم هذا التشبيه ليوضح أن المؤمنين، الذين ماتوا مع المسيح، قد تحرروا من سلطة الناموس، تمامًا كما تتحرر المرأة من ارتباطها بزوجها إذا مات.

ثم انتقل بولس إلى الحديث عن الصراع الداخلي الذي يعيشه كل مؤمن. كتب: “لأَنَّنَا حِينَمَا كُنَّا فِي الْجَسَدِ، كَانَتْ أَهْوَاءُ الْخَطَايَا الْعَامِلَةُ فِي أَعْضَائِنَا، لِتَأْتِيَ بِثَمَرِ الْمَوْتِ.” (رومية 7: 5). كان بولس يصف هنا كيف أن الخطيئة كانت تعمل في حياة الإنسان قبل أن يختبر الخلاص، مما يؤدي إلى الموت الروحي.

لكن بولس أراد أن يوضح أن الناموس نفسه ليس شريرًا، بل هو مقدس وعادل وصالح. كتب: “فَمَاذَا نَقُولُ؟ هَلِ النَّامُوسُ خَطِيَّةٌ؟ حَاشَا! بَلْ لَمْ أَعْرِفِ الْخَطِيَّةَ إِلاَّ بِالنَّامُوسِ. فَإِنَّنِي لَمْ أَعْرِفِ الشَّهْوَةَ لَوْ لَمْ يَقُلِ النَّامُوسُ: لاَ تَشْتَهِ.” (رومية 7: 7). كان بولس يشير إلى أن الناموس يكشف الخطيئة، لكنه لا يخلقها.

ثم وصف بولس الصراع الداخلي الذي يعيشه كل مؤمن: “لأَنَّنَا نَعْلَمُ أَنَّ النَّامُوسَ رُوحِيٌّ، وَأَمَّا أَنَا فَجَسَدِيٌّ، مَبِيعٌ تَحْتَ الْخَطِيَّةِ. فَإِنِّي لَسْتُ أَعْرِفُ مَا أَنَا أَفْعَلُهُ، إِذْ لَسْتُ أَفْعَلُ مَا أُرِيدُهُ، بَلْ مَا أُبْغِضُهُ فَإِيَّاهُ أَفْعَلُ.” (رومية 7: 14-15). كان بولس يعبر عن الصراع بين الروح والجسد، حيث يريد الإنسان أن يفعل الخير، لكنه يجد نفسه يفعل الشر.

ثم واصل بولس وصف هذا الصراع: “فَإِنِّي أُسَرُّ بِنَامُوسِ اللهِ حَسَبَ الإِنْسَانِ الْبَاطِنِ. وَلكِنِّي أَرَى نَامُوسًا آخَرَ فِي أَعْضَائِي يُحَارِبُ نَامُوسَ ذِهْنِي، وَيَسْبِينِي إِلَى نَامُوسِ الْخَطِيَّةِ الْكَائِنِ فِي أَعْضَائِي.” (رومية 7: 22-23). كان بولس يعبر عن الفرح الذي يشعر به تجاه ناموس الله، لكنه في نفس الوقت يعاني من الصراع مع ناموس الخطيئة الذي يعمل في جسده.

وفي النهاية، صرخ بولس بصوت مليء باليأس والرجاء في نفس الوقت: “وَيْحِي أَنَا الإِنْسَانُ الشَّقِيُّ! مَنْ يُنْقِذُنِي مِنْ جَسَدِ هَذَا الْمَوْتِ؟” (رومية 7: 24). كان بولس يعبر عن حاجته الماسة إلى منقذ، إلى شخص يستطيع أن يحرره من هذا الصراع الداخلي.

ثم جاءت الإجابة المفعمة بالرجاء: “أَشْكُرُ اللهَ بِـيَسُوعَ الْمَسِيحِ رَبِّنَا! إِذًا أَنَا نَفْسِي بِالذِّهْنِ أَخْدِمُ نَامُوسَ اللهِ، وَلكِنْ بِالْجَسَدِ نَامُوسَ الْخَطِيَّةِ.” (رومية 7: 25). كان بولس يشكر الله على الخلاص الذي جاء به يسوع المسيح، الذي حرره من سلطة الخطيئة والموت.

وهكذا، انتهى بولس من كتابة هذا الفصل العميق، الذي يصف صراع الإنسان مع الخطيئة، ويقدم الحل الوحيد لهذا الصراع، وهو الإيمان بيسوع المسيح. كان بولس يعلم أن هذا التعليم سيساعد المؤمنين في روما على فهم طبيعة الصراع الروحي، ويدفعهم إلى الاعتماد على نعمة الله وقوته للتغلب على الخطيئة.

LEAVE A RESPONSE

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *