في فجر يوم الأحد، بعد أن مرت ثلاثة أيام على صلب يسوع ودفنه، كانت مريم المجدلية ومريم الأخرى قد أتتا إلى القبر لتنظرا المكان الذي وُضع فيه جسد الرب. وكانت السماء تشرق بلون وردي خفيف، والهواء يعبق برائحة الزهور البريّة التي نمت حول المكان. كانت النسوة تحملن معهنّ حنوطاً وعطوراً لتكملة طقوس الدفن، إذ لم يكن لديهنّ الوقت الكافي لفعل ذلك يوم الجمعة بسبب حلول السبت.
وبينما كنّ يقتربن من القبر، حدثت هزة أرضية عظيمة، لأن ملاك الرب نزل من السماء ودحرج الحجر عن باب القبر وجلس عليه. وكان منظره كالبرق، ولباسه أبيض كالثلج. فخاف الحراس من هول المنظر وصاروا كالأموات من شدة الخوف.
أما النسوة، فلم يكن خوفهنّ كخوف الحراس، بل امتلأن دهشةً وإعجاباً. فتقدم الملاك إليهنّ وقال: “لا تخفن أنتنّ، لأني أعلم أنكنّ تطلبن يسوع المصلوب. ليس هو ههنا، لأنه قام كما قال. هلما انظرن الموضع الذي كان موضوعاً فيه. ثم اذهبن سريعاً وقُلن لتلاميذه إنه قد قام من بين الأموات. ها هو يسبقكم إلى الجليل. هناك ترونه. ها أنا قد قلت لكنّ.”
فخرجت النسوة مسرعات من القبر بخوفٍ وفرحٍ عظيم، وركضن ليخبرن التلاميذ بالأمر. وفيما هنّ منطلقات، إذا بيسوع نفسه لقيهنّ وقال: “سلام لكنّ.” فتقدمْنَ وأمسكنَ بقدميه وسجدنَ له. فقال لهنّ يسوع: “لا تخفن. اذهبن وأخبرن إخوتي أن يذهبوا إلى الجليل، وهناك يرونني.”
وفي تلك الأثناء، كان بعض الحراس قد ذهبوا إلى المدينة وأخبروا رؤساء الكهنة بكل ما حدث. فاجتمع رؤساء الكهنة والشيوخ وتشاوروا، وأعطوا الحراس فضةً كثيرةً قائلين: “قولوا إن تلاميذه أتوا ليلاً وسرقوه ونحن كنّا نياماً. وإذا سمع الوالي هذا القول، فنحن نستعطفه ونصيّركم غير مُهمومين.” فأخذ الحراس الفضة وفعلوا كما علّموهم، فشاع هذا القول عند اليهود إلى هذا اليوم.
أما التلاميذ الأحد عشر، فقد ذهبوا إلى الجليل، إلى الجبل حيث أمرهم يسوع. ولما رأوه سجدوا له، ولكن بعضهم شكّ. فتقدم يسوع وكلمهم قائلاً: “دُفع إليّ كل سلطان في السماء وعلى الأرض. فاذهبوا وتلمذوا جميع الأمم، وعمدوهم باسم الآب والابن والروح القدس، وعلّموهم أن يحفظوا جميع ما أوصيتكم به. وها أنا معكم كل الأيام إلى انقضاء الدهر.”
وهكذا، بعد أن أتمّ يسوع عمله على الأرض، صعد إلى السماء وجلس عن يمين الله، بينما خرج التلاميذ إلى العالم كله يبشرون بالإنجيل ويعمدون الناس باسم الآب والابن والروح القدس، وهم يعلمون أن الرب معهم في كل خطوة يخطونها، إلى الأبد.