في يوم من الأيام، اجتمع المؤمنون في مدينة أورشليم ليستمعوا إلى يعقوب، أخو الرب، الذي كان معروفًا بحكمته وتقواه. كان الجمع كبيرًا، يتألف من رجال ونساء وأطفال، كلهم متشوقون لسماع كلمة الرب. وقف يعقوب في وسطهم، وبدأ يتحدث بصوت هادئ لكنه مليء بالسلطان.
قال يعقوب: “أيها الإخوة والأخوات، اسمعوا كلام الرب. إن اللسان عضو صغير في جسدنا، لكنه قوي جدًا. هو كالنار التي تشتعل في غابة، قد تبدو صغيرة في البداية، لكنها قادرة على إحراق غابة بأكملها. هكذا هو اللسان، رغم صغره، يمكنه أن يسبب دمارًا كبيرًا.”
تطلع يعقوب إلى الحضور، ورأى في عيونهم الاهتمام والتركيز. ثم واصل قائلاً: “اللسان هو عالم من الإثم بين أعضائنا، يلوث الجسد كله، ويشعل دائرة الحياة، وهو مشتعل من جهنم. به نبارك الله الآب، وبه نلعن الناس الذين خلقهم الله على صورته. من الفم الواحد تخرج البركة واللعنة. لا ينبغي، أيها الإخوة، أن يكون الأمر هكذا.”
ثم أشار يعقوب إلى نبع ماء قريب، وقال: “هل ينبع من النبع نفسه ماء عذب ومر؟ هل يمكن لشجرة تين أن تثمر زيتونًا، أو لكرمة أن تثمر تينًا؟ كذلك لا يمكن للسان أن ينطق بالخير والشر في الوقت نفسه.”
كان الجمع يصغي باهتمام، وكأنهم يسمعون هذه الكلمات لأول مرة. ثم تابع يعقوب: “من هو بينكم حكيم وعالم؟ فلير أعماله بالتصرف الحسن في وداعة الحكمة. ولكن إن كان في قلوبكم غيرة مرة وتحزب، فلا تفتخروا وتكذبوا على الحق. هذه الحكمة ليست من فوق، بل هي أرضية نفسانية شيطانية. لأن حيث توجد الغيرة والتحزب، يوجد الاضطراب وكل أمر رديء.”
ثم رفع يعقوب صوته قليلاً، وقال: “أما الحكمة التي من فوق فهي أولاً طاهرة، ثم مسالمة، مترفقة، مذعنة، مملوءة رحمة وأثمارًا صالحة، عديمة الرياء والزيف. وثمر البر يزرع في السلام من الذين يفعلون السلام.”
كانت كلمات يعقوب تلامس قلوب الحاضرين، وكأنها تفتح أبوابًا جديدة لفهم إرادة الله. ثم ختم يعقوب حديثه قائلاً: “فلنحذر إذًا من كلماتنا، لأنها قادرة على بناء أو هدم. لنستخدم ألسنتنا لتمجيد الله وبناء الآخرين، لا لإيذائهم أو إثارة الفتنة. لأن من يحفظ لسانه يحفظ نفسه من الشر.”
وبعد أن انتهى يعقوب من حديثه، ساد صمت عميق في المكان. ثم بدأ الناس يتحدثون فيما بينهم، معبرين عن تأثرهم بما سمعوا. وبدأوا يتعهدون بأن يكونوا أكثر حذرًا في كلامهم، وأن يستخدموا ألسنتهم لتمجيد الله وخدمة الآخرين.
وهكذا، كانت كلمات يعقوب بمثابة نور يضيء طريق المؤمنين، ليذكّرهم بقوة الكلمة وأهمية استخدامها بحكمة ومحبة.