في الأيام القديمة، عندما كان بنو إسرائيل يتنقلون في البرية بقيادة موسى النبي، أعطاهم الرب تعاليم دقيقة حول الطهارة والنجاسة، خاصة فيما يتعلق بمرض البرص. وكانت هذه التعاليم جزءًا من الشريعة التي أراد الله أن يعلّمها لشعبه، ليحفظهم مقدسين له. وفي سفر اللاويين، الإصحاح الرابع عشر، نجد تفاصيل دقيقة عن كيفية تطهير الأبرص الذي شُفي من مرضه.
في أحد الأيام، جاء رجل من بني إسرائيل إلى موسى وهارون، وكان وجهه مشرقًا بالفرح. لقد كان هذا الرجل مصابًا بالبرص لفترة طويلة، ولكن الله شفاه. فسقط على وجهه أمام خيمة الاجتماع وصاح: “لقد طهرني الرب! لقد شفاني من برصي!” فسمع موسى صوته وخرج ليرى ما حدث.
فأمر موسى الرجل أن يأتي إلى الكاهن، لأن الكاهن هو الذي كان مسؤولًا عن فحص المرضى وتقرير طهارتهم أو نجاستهم وفقًا لشريعة الرب. فذهب الرجل إلى الكاهن، الذي بدوره خرج خارج المحلة ليفحصه. وكان الكاهن يرتدي ثيابه الكهنوتية البيضاء، وحول وسطه حزام من الكتان النقي، وعلى رأسه عمامة بيضاء أيضًا. وكانت عيناه تلمعان بالحكمة والتمييز الذي أعطاه إياه الرب.
فحص الكاهن الرجل بعناية، ورأى أن البرص قد زال تمامًا من جسده. فابتسم الكاهن وقال: “حقًا، لقد شفاك الرب. والآن، سنتبع ما أمر به الرب لتطهيرك.”
ثم أمر الكاهن بإحضار عصفورين حيين طاهرين، وعود أرز، وقرمز، وزوفا. وكانت هذه الأدوات جزءًا من الطقوس التي أمر بها الرب لتطهير الأبرص. فأخذ الكاهن أحد العصفورين وذبحه فوق إناء من خزف فيه ماء حي. ثم أخذ العصفور الحي وعود الأرز والقرمز والزوفا، وغطسها في دم العصفور المذبوح. بعد ذلك، رش الكاهن الدم على الرجل الذي كان ينتظر بقلب مليء بالشكر والرهبة. وكانت كل حركة من حركات الكاهن تتم بدقة وفقًا لشريعة الرب.
ثم أطلق الكاهن العصفور الحي في الحقل، رمزًا لتطهير الرجل وإطلاقه من نجاسته. وبعد ذلك، أمر الكاهن الرجل أن يحلق كل شعره ويغتسل بالماء، ليكون طاهرًا تمامًا. ففعل الرجل كما أمر، وعاد إلى المحلة، لكنه بقي خارج خيمته سبعة أيام أخرى.
وفي اليوم الثامن، جاء الرجل إلى الكاهن مرة أخرى، ومعه ذبيحة خطية وذبيحة محرقة. وكان الكاهن ينتظره عند مدخل خيمة الاجتماع. فأخذ الكاهن دم الذبيحة ووضعه على طرف أذن الرجل اليمنى، وعلى إبهام يده اليمنى، وعلى إبهام رجله اليمنى. ثم أخذ الكاهن من الزيت وصبه على كف يده اليسرى، ورش منه سبع مرات أمام الرب. بعد ذلك، وضع الكاهن من الزيت على نفس الأماكن التي وضع عليها الدم، رمزًا لتكريس الرجل للرب من جديد.
وأخيرًا، قدم الكاهن الذبيحة المحرقة على المذبح، فصعد دخانها إلى السماء، رائحة سرور للرب. وهكذا، تم تطهير الرجل تمامًا، وعاد إلى الجماعة، وأصبح جزءًا من شعب الله المقدس مرة أخرى.
وكان هذا الطقس يذكر بني إسرائيل بأن الله هو الشافي والمطهر، وأنه يريد أن يكون شعبه طاهرًا ومقدسًا له. وكانت هذه الطقوس ترمز أيضًا إلى التطهير الروحي الذي سيأتي من خلال المسيح، الذي بدمه سيغسل خطايا العالم كله.
وهكذا، تعلم بنو إسرائيل أن الطهارة ليست مجرد أمر خارجي، بل هي حالة قلبية تبدأ بالتواضع أمام الله والاعتراف باحتياجهم إلى نعمته. وكانت هذه القصة تذكيرًا لهم بأن الله قريب من كل من يطلبونه بقلب صادق، وهو الذي يمنح الشفاء والتطهير لكل من يؤمن به.