في الأيام القديمة، عندما كانت الأرض لا تزال تئن تحت وطأة الخطيئة والظلم، كان هناك رجل تقي يدعى أليمالك. كان أليمالك يعيش في قرية صغيرة عند سفوح الجبال، حيث كان يعمل في زراعة الأرض وتربية الأغنام. كان رجلاً صالحًا، يحب الرب بكل قلبه، ويحفظ وصاياه بكل إخلاص. لكن القرية التي كان يعيش فيها كانت مليئة بالشرور، حيث كان الأشرار يتجولون في كل مكان، ويظلمون الفقراء والضعفاء دون خوف من الله.
في أحد الأيام، بينما كان أليمالك يجلس تحت شجرة زيتون كبيرة يتأمل في كلمة الرب، سمع صراخًا يأتي من بعيد. نهض مسرعًا ليرى ما الأمر، فوجد امرأة عجوزًا تبكي بمرارة، وقد سرق الأشرار كل ما تملكه من طعام ومال. كانت المرأة ترفع يديها إلى السماء وتصرخ: “يا رب، إلى متى تترك الأشرار يظلموننا؟ إلى متى يفتخرون بشرورهم ويسخرون منك؟”
تأثر أليمالك بشدة من منظر المرأة، فجلس بجانبها وحاول أن يهدئ من روعها. ثم رفع عينيه إلى السماء وصلى: “يا رب، لماذا تقف بعيدًا؟ لماذا تختبئ في أوقات الضيق؟ انظر إلى هؤلاء الأشرار الذين يفتخرون بشرورهم، ويصطادون الفقراء ليوقعوا بهم في شباكهم. يا رب، أنت ترى كل شيء، فلماذا تسمح لهم بالاستمرار في ظلمهم؟”
استمر أليمالك في الصلاة بقلب منكسر، طالبًا من الرب أن يتدخل وينصف المظلومين. وفي تلك اللحظة، شعر بسلام غريب يملأ قلبه، وكأن الرب كان يهمس في أذنه قائلاً: “لا تخف، يا أليمالك، لأني أنا الرب إلهك. أنا أرى كل شيء، ولن أترك الأشرار يفلتون من العقاب. سأقف إلى جانب الفقراء والمظلومين، وسأنتقم لهم في الوقت المناسب.”
وبينما كان أليمالك يستمع إلى صوت الرب، بدأت السماء تتلألأ بنور غريب، وكأنها كانت تعلن عن حضور الله. فجأة، سمع صوت رعد قوي يهز الأرض، وظهرت سحابة كثيفة تغطي القرية. خاف الأشرار الذين كانوا يتجولون في الشوارع، وبدأوا يهربون في كل اتجاه، لكنهم لم يستطيعوا الهروب من غضب الرب.
وفي تلك الليلة، حدثت معجزة عظيمة. فقد ضرب الرب الأشرار بوباء شديد، فمات الكثيرون منهم، بينما نجا الفقراء والمظلومون. وعادت القرية إلى السلام والهدوء، وشعر أليمالك والمرأة العجوز بالراحة والاطمئنان، لأنهم عرفوا أن الرب لم ينسهم، بل كان معهم في كل خطوة.
ومنذ ذلك اليوم، أصبح أليمالك أكثر إيمانًا بقوة الرب وعدله. كان يكرز لكل من يقابله بقصة تلك الليلة العظيمة، ويقول: “الرب هو الملجأ للفقراء والمظلومين. هو يسمع صراخهم وينتقم لهم من الأشرار. فلا تخافوا، لأن الرب لن يتخلى عنكم أبدًا.”
وهكذا، عاش أليمالك بقية أيامه في سلام وفرح، وهو يعلم أن الرب هو الحامي والمنتقم للذين يتكلون عليه. وكانت قريته تذكر دائمًا قوة الرب وعدله، وتعلمت أن تخاف الله وتحفظ وصاياه.