الكتاب المقدس

نبوة إشعياء: رجاء السماء الجديدة والأرض الجديدة

في الأيام التي سبقت مجيء المسيح، كان الرب يتحدث إلى شعبه من خلال النبي إشعياء، مُعلنًا عن أيام جديدة قادمة، أيام مليئة بالبركة والفرح. وكانت كلمات الرب تُنير قلوب المؤمنين، وتُعطيهم رجاءً في مستقبل مجيد. فلنسمع قصة هذه النبوة العظيمة كما وردت في إشعياء 65، ولكن بأسلوب قصصي مليء بالتفاصيل والحياة.

في زمن بعيد، عندما كانت أورشليم تعاني من خطايا شعبها، وابتعد الكثيرون عن طريق الرب، وقف النبي إشعياء على تلّة مُطلّة على المدينة. كان الهواء ثقيلًا برائحة الخطيئة، والدخان يتصاعد من المذابح الوثنية التي أقامها الشعب لآلهة غريبة. لكن الرب، في رحمته، لم يتخلَّ عن شعبه. فظهر لإشعياء في رؤيا، وقال له: “هأنذا أُجيب الذين لم يسألوا عني، وأُظهر نفسي للذين لم يطلبوني. قلت: هأنذا، هأنذا، لأمة لم تُدعَ باسمي.”

كانت كلمات الرب تُنير قلب إشعياء، فبدأ يتنبأ عن أيام جديدة، أيام سيُخلق فيها سماء جديدة وأرض جديدة. قال الرب: “ها أنا أخلق أورشليم بَهجةً وشعبها فرحًا. وأفرح بأورشليم وأبتهج بشعبي، فلا يُسمع فيها بعد صوت بكاء ولا صوت صراخ.”

تخيل إشعياء هذه المدينة الجديدة، حيث لا يوجد موت ولا حزن. رأى بيوتًا مملوءة بالفرح، وأطفالًا يلعبون في الشوارع بأمان. رأى كرومًا خضراء تنتج عنبًا حلوًا، وحقولًا تفيض بالقمح والشعير. قال الرب: “لا يبنون وآخر يسكن، ولا يغرسون وآخر يأكل. لأن أيام شعبي كأيام الشجرة، ومُختاريون يتمتعون بعمل أيديهم.”

لكن الرب لم ينسَ الذين عصوه وأداروا ظهورهم له. قال: “أما أنتم الذين تركتم الرب ونسيتم جبلي المقدس، فقد أعددتم لآلهة أخرى مائدة، وملأتم الكأس للقدر. لذلك سأحكم عليكم بالسيف، وكلُّكم للذبح تنحني.”

كانت كلمات الرب قاسية، لكنها عادلة. فقد أعطى شعبه فرصًا كثيرة للتوبة، لكنهم أصرّوا على طريق الشر. ومع ذلك، كان هناك بقية أمينة، شعب صغير اختاره الرب لنفسه. قال الرب: “كما يُسرّ الزارع بالبُنيّن الذي يخرجه، كذلك أُسرّ بكم وأُبارككم. وستأتي أيام يُدعى فيها عبدي باسم آخر، ويُعبد الرب من كل الأمم.”

وتنبأ إشعياء عن مجيء المسيح، الذي سيأتي ليفدي شعبه. قال: “سيأتي الوقت الذي فيه الذئب والحمل يرعيان معًا، والأسد يأكل التبن كالثور، والحيَّة ترعى التراب. لا يُسيئون ولا يُفسدون في كل جبلي المقدس.”

وفي النهاية، رأى إشعياء رؤيا السماء الجديدة والأرض الجديدة. قال الرب: “ها أنا أخلق كل شيء جديدًا. ستكون أورشليم مدينة الفرح، وشعبي سيكونون بركة للعالم. لن يكون هناك بعد جوع ولا عطش، ولن تضربهم الشمس ولا الحر. لأن الحمل الذي في وسط العرش يرعاهم، ويقودهم إلى ينابيع ماء حيّة، ويمسح الله كل دمعة من عيونهم.”

وهكذا، انتهت النبوة بكلمات رجاءٍ ومحبة. فالشعب الذي اختاره الرب لن يُهزم، بل سينتصر بفضل نعمته. وستأتي أيام يُملأ فيها العالم بالسلام والبركة، حيث يسكن الله مع البشر، ويكونون له شعبًا، وهو يكون لهم إلهًا.

وهكذا، كانت كلمات إشعياء تذكيرًا للشعب بأن الرب أمين لوعوده، وأن المستقبل المشرق ينتظر الذين يثبتون في إيمانهم. فليتذكر كل من يقرأ هذه القصة أن الله قادر أن يخلق من الظلام نورًا، ومن اليأس رجاءً، ومن الموت حياة أبدية.

LEAVE A RESPONSE

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *