في الأيام القديمة، عندما كان بنو إسرائيل يسيرون في البرية تحت قيادة موسى النبي، كان الرب يعلمهم شرائعه ووصاياه ليكونوا شعبًا مقدسًا. وفي ذلك الوقت، تكلّم الرب مع موسى قائلًا: “هذا ما أمر به الرب بخصوص النذور والعهود التي يعقدها الإنسان للرب.”
كانت هناك امرأة تُدعى شميرة، تعيش في خيمة مع زوجها أليعازر وابنها الصغير. وكانت شميرة امرأة تقية، تخاف الرب وتحفظ وصاياه. وفي يوم من الأيام، بينما كانت تصلي في هدوء الليل، شعرت في قلبها دافعًا قويًا لأن تنذر نذرًا للرب. فرفعت صوتها وقالت: “يا رب، إن نجحت في رعاية غنمي وزروعي هذا العام، فإني أعدك بأن أقدم لك عشر غنمي وأول ثمار حقلي.”
وفي الصباح، أخبرت شميرة زوجها أليعازر بما نذرته للرب. فاستمع أليعازر إلى كلماتها، ثم قال لها: “يا شميرة، أنتِ امرأة حكيمة وتقية، ولكن النذر الذي نذرتيه عظيم. إن شئتِ، سأكون بجانبك لأعاونك في تنفيذه.” فشكرته شميرة واطمأنت إلى دعمه.
لكن بعد أيام قليلة، مرض أليعازر مرضًا شديدًا، ولم يعد قادرًا على العمل في الحقل أو رعاية الغنم. فبدأت شميرة تشعر بالقلق، إذ كيف ستتمكن من الوفاء بنذرها للرب وهي وحدها تعتني بزوجها المريض وابنها الصغير؟ وفي ليلة من الليالي، بينما كانت تبكي وتصلي، سمعت صوت الرب يخاطبها في قلبها: “لا تخافي، يا شميرة، لأني معك. النذر الذي نذرتيه مقبول أمامي، وسأعطيك القوة لتتمميه.”
وبعد أيام، جاءت امرأة أخرى من القبيلة تُدعى نعمة، وكانت ابنة شميرة الكبرى التي تزوجت وعاشت في خيمة قريبة. وعندما سمعت نعمة عن نذر أمها، جاءت إليها وقالت: “أمي، لقد سمعت عن نذرك للرب. أريد أن أساعدك في تنفيذه، لأن الرب قد باركني أيضًا في غنمي وحقلي.” ففرحت شميرة بمساعدة ابنتها، وشكرت الرب على تدبيره.
ومع مرور الأيام، تعافى أليعازر من مرضه، وعادت العائلة تعمل معًا في الحقل والرعي. وعندما حان وقت الحصاد، جمعت شميرة وأليعازر ونعمة عشر غنمهم وأول ثمار حقولهم، وأتوا بها إلى خيمة الاجتماع حيث كان الكهنة يخدمون الرب. وقدمت شميرة النذر للرب بفرح، وشكرت الرب على بركاته وحمايته.
وفي تلك الليلة، ظهر الرب لشميرة في حلم وقال لها: “لقد قبلت نذرك، يا شميرة، لأنك أتيتِ إليّ بقلب مخلص ومطيع. سأبارك بيتك وأزيد غنمك وحقلك، لأنك حفظت وصاياي.”
ومنذ ذلك اليوم، أصبحت شميرة وأسرتها مثالًا للتقوى والإخلاص في القبيلة. وكانوا دائمًا يذكرون كلمات الرب في سفر العدد: “إِذَا نَذَرَتِ امْرَأَةٌ نَذْرًا لِلرَّبِّ وَتَعَهَّدَتْ بِعَهْدٍ فِي بَيْتِ أَبِيهَا فِي صِبَاهَا، وَسَمِعَ أَبُوهَا نَذْرَهَا وَعَهْدَهَا الَّذِي عَاهَدَتْ بِهِ، وَسَكَتَ عَنْهَا، فَكُلُّ نُذُورِهَا تَثْبُتُ وَكُلُّ عَهْدٍ عَاهَدَتْ بِهِ يَثْبُتُ. وَإِنْ مَنَعَهَا أَبُوهَا فِي الْيَوْمِ الَّذِي سَمِعَ فِيهِ، فَكُلُّ نُذُورِهَا وَعُهُودِهَا الَّتِي عَاهَدَتْ بِهَا لَنْ تَثْبُتَ، وَالرَّبُّ يَغْفِرُ لَهَا.”
وهكذا، تعلم بنو إسرائيل أن النذور والعهود للرب هي أمر جليل، ويجب أن تُؤخذ بجدية وتنفذ بإخلاص. وكانت شميرة وأسرتها شهادة حية لبركات الرب التي تُمنح لمن يطيعونه ويحفظون وصاياه.