في الأيام القديمة، عندما كانت الأرض مليئة بالشرور والخطايا، كتب داود النبي مزمورًا يعبر فيه عن حالة البشرية التي ابتعدت عن الله. هذا المزمور، المزمور الثالث والخمسون، يصف حالة الإنسان الذي رفض أن يعترف بوجود الله، وكيف أن هذا الرفض أدى إلى الفساد والظلم في العالم. دعونا نتعمق في قصة تُجسد هذا المزمور، مع الحفاظ على الدقة اللاهوتية والوصف الحي.
—
في قرية صغيرة تقع بين الجبال، كان يعيش شعبٌ اعتادوا على حياة مليئة بالكبرياء والغرور. كانوا يعتقدون أنهم لا يحتاجون إلى الله، بل اعتقدوا أنهم قادرون على إدارة حياتهم بأنفسهم. كانوا يقولون في قلوبهم: “لا إله!” وكانت أعمالهم تعكس هذا الاعتقاد الخاطئ. لقد أصبحوا فاسدين، وأفعالهم شريرة، ولم يكن بينهم من يعمل صلاحًا.
كان هناك رجلٌ صالحٌ اسمه ألياقيم، وكان يعيش على حافة القرية. كان ألياقيم رجلًا تقيًا، يؤمن بالله ويخافه، وكان دائمًا يتأمل في كلمة الرب. في كل ليلة، كان يخرج إلى حقل قريب ليصلي ويتأمل في خلق الله. لكنه كان حزينًا لما يراه في قريته من شرور وظلم. كان يرى الناس يسرقون بعضهم بعضًا، ويسمع أصوات المشاجرات والصراخ تملأ الشوارع. لم يكن هناك سلام، بل كانت القلوب مليئة بالحقد والكراهية.
في إحدى الليالي، بينما كان ألياقيم يصلي تحت سماء صافية، سمع صوتًا هادئًا يقول: “انظر إلى الأرض، وانظر إلى حالة البشر.” فرفع ألياقيم عينيه نحو السماء وسأل: “يارب، لماذا يبتعد الناس عنك؟ لماذا يعيشون في الظلام ويرفضون نورك؟”
فأجاب الرب: “لقد أعمى الكبرياء قلوبهم. لقد قالوا في قلوبهم: ‘لا إله!’ وأغلقوا آذانهم عن صوت الحكمة. لكني أنظر من السماء لأرى إن كان هناك من يفهم، من يطلب الله.”
تأمل ألياقيم في كلمات الرب، وشعر بثقل الحزن يملأ قلبه. عرف أن الله ينظر إلى الأرض ليرى إن كان هناك من يعمل صلاحًا، لكنه لم يجد إلا الشر والفساد. حتى أولئك الذين كانوا يظهرون بمظهر الصلاح، كانت قلوبهم مليئة بالخداع والرياء.
وفي تلك الليلة، رأى ألياقيم رؤية. رأى جيشًا قويًا يقترب من القرية، جيشًا من الأعداء الذين قرروا أن يهاجموا القرية بسبب شرور أهلها. كان الأعداء يعلمون أن هذه القرية لا تحميها قوة الله، لأن أهلها رفضوا أن يعترفوا به. فجاءوا كالسيل الجارف، ودخلوا القرية دون مقاومة.
استيقظ ألياقيم من نومه مذعورًا، وعرف أن هذه الرؤية كانت تحذيرًا من الله. فذهب إلى القرية ليحذر الناس، لكنهم سخروا منه وقالوا: “من أنت حتى تخبرنا بما يجب أن نفعله؟ نحن لسنا بحاجة إلى إلهك!” لكن ألياقيم لم يفقد الأمل، وظل يصلي من أجلهم.
وبعد أيام قليلة، تحققت الرؤية. جاء الجيش الغازي ودمر القرية تمامًا. هرب الناس في كل اتجاه، لكنهم لم يجدوا ملجأً. حتى أولئك الذين كانوا يعتقدون أنهم أقوياء، سقطوا في يد الأعداء. لقد خافوا خوفًا عظيمًا، حيث لم يكن هناك من ينقذهم.
لكن ألياقيم، الذي كان متكلًا على الله، نجا من الدمار. فقد أخفاه الرب في مكان آمن، وحماه من الأعداء. وعندما انتهت المعركة، خرج ألياقيم ليرى الدمار الذي حل بالقرية. كان كل شيء في حالة خراب، والناس الذين كانوا يعيشون في الكبرياء والغرور، أصبحوا الآن في حالة من الذل والخزي.
وفي تلك اللحظة، تذكر ألياقيم كلمات المزمور الذي كتبه داود: “الله من السماء أشرف على بني البشر ليرى إن كان فاهمٌ طالبٌ الله. كلهم قد ارتدوا معًا، فسدوا. ليس من يعمل صلاحًا، ليس ولا واحد.”
صلى ألياقيم من أجل الشعب، طالبًا من الله أن يمنحهم فرصة للتوبة والعودة إليه. وعرف أن خلاص البشرية لا يأتي إلا من خلال الاعتراف بالله وطلب وجهه.
—
هذه القصة تعكس الحقيقة التي نجدها في المزمور الثالث والخمسين. إنها تذكرنا بأن رفض الاعتراف بالله يؤدي إلى الفساد والدمار، ولكن هناك أملٌ لمن يطلب وجه الله ويضع ثقته فيه. فالله دائمًا ينظر من السماء، وهو يريد أن يرى قلوبًا تائبة تعود إليه.