في السنة الأولى من حكم نبوخذنصر ملك بابل، جاء الملك إلى أورشليم وحاصرها. وكان الرب قد سمح له أن يستولي على المدينة بسبب خطايا شعبه إسرائيل. فأخذ نبوخذنصر بعض آنية بيت الله ونقلها إلى بيت آلهته في أرض شنعار، وأمر رئيس خصيانه، أشبناز، أن يجلب من بني إسرائيل بعض الشبان من السلالة الملكية والنبلاء، ليكونوا في خدمة القصر.
وكان من بين هؤلاء الشبان أربعة فتية من سبط يهوذا: دانيال وحننيا وميشائيل وعزريا. وكان هؤلاء الفتية متميزين بجمالهم وحكمتهم وفهمهم، فاختارهم أشبناز ليتدربوا على لغة الكلدانيين وعلومهم، ليكونوا مستشارين للملك بعد ذلك.
وأمر الملك أن يُعطى هؤلاء الفتية من أطايب الملك ومن خمر مشروبه، ليتقووا ويصبحوا مؤهلين للخدمة في القصر. ولكن دانيال عزم في قلبه ألا يتنجس بأطايب الملك ولا بخمره، لأنه أراد أن يبقى طاهرًا للرب. فطلب من أشبناز أن يسمح له ولرفاقه بأكل الخضروات وشرب الماء فقط.
وكان أشبناز يخاف أن يظهر هؤلاء الفتية ضعافًا أمام الملك إذا لم يأكلوا من طعامه، فيعاقبه الملك. ولكن دانيال طلب منه أن يجري اختبارًا لمدة عشرة أيام، حيث يأكلون الخضروات ويشربون الماء، ثم يقارن مظهرهم بمظهر الفتية الآخرين الذين يأكلون من طعام الملك.
فوافق أشبناز على طلب دانيال، وجرى الاختبار. وبعد عشرة أيام، ظهر دانيال ورفاقه أكثر صحة ونضارة من جميع الفتية الذين أكلوا من طعام الملك. فأمر أشبناز أن يُعطى لهم الخضروات والماء بدلًا من طعام الملك وخمره.
وأعطى الله هؤلاء الفتية الأربعة معرفة وفهمًا في كل علم وحكمة، وكان دانيال يفهم كل الرؤى والأحلام. وعندما انتهت فترة التدريب، أحضرهم أشبناز أمام الملك نبوخذنصر، فتكلم معهم الملك ووجدهم يفوقون جميع الحكماء والعرافين في مملكته بعشر مرات. وهكذا صار دانيال ورفاقه في خدمة الملك، وكان الله معهم في كل خطوة يخطونها.
وهذه القصة تظهر كيف أن الثقة في الله والالتزام بوصاياه يمكن أن يجلب البركة والحماية، حتى في أصعب الظروف. فدانيال ورفاقه، رغم أنهم كانوا في أرض غريبة ومحاطين بثقافة مختلفة، اختاروا أن يبقوا أمناء للرب، فباركهم الله وأعطاهم النجاح والحكمة التي فاقت كل من حولهم.