في قديم الزمان، في مدينة صغيرة تقع بين الجبال الخضراء والسهول الممتدة، عاشت امرأة تُدعى نعمة. كانت نعمة امرأة فاضلة، مشهورة بحكمتها واجتهادها. كان الجميع في المدينة يعرفونها، ليس فقط لجمالها الخارجي، بل لجمال روحها التي كانت تنعكس في كل ما تفعله. كانت نعمة مثالًا حيًا لما ورد في سفر الأمثال، الإصحاح الواحد والثلاثين.
كانت نعمة تستيقظ قبل الفجر، حينما كانت النجوم ما تزال تلمع في السماء، لتعد الطعام لعائلتها. كانت تطحن القمح بيديها القويتين، وتعد الخبز الطازج الذي تفوح رائحته في كل أرجاء المنزل. كانت تعتني بزوجها، الذي كان يعمل في السوق، وتحرص على أن يجد كل ما يحتاجه عند عودته. كانت تلبسه ثيابًا نظيفة ومكوية، وتقدم له الطعام الساخن الذي يملأ قلبه بالرضا.
لم تكن نعمة تعتني فقط بزوجها وأولادها، بل كانت أيضًا تعمل بجد لتساهم في دخل العائلة. كانت تشتري الصوف والكتان، وتنسجها بأصابعها الماهرة لتصنع ثيابًا جميلة تباع في السوق. كانت تجلس ليلًا، تحت ضوء المصباح، وهي تغزل وتنسج، بينما تهمس بصوتها الهادئ بصلوات الشكر لله الذي منحها القوة والحكمة.
كانت نعمة تعرف قيمة العمل، ولم تكن تخشى التعب. كانت تذهب إلى الحقول لتنظر إلى أعمالها، وتحرص على أن تكون أراضيها خصبة ومثمرة. كانت تزرع الكروم وتجني العنب، وتصنع منه النبيذ الذي كان يُشترى بأسعار عالية في السوق. كانت تفتح ذراعيها للفقير، وتقدم له الطعام والملبس دون تردد. كانت تعلم أن الله يبارك من يبارك الآخرين.
كان أولادها يقفون في المجمع ويباركونها، وزوجها يمدحها قائلًا: “كثيرات قد عملن فضلًا، لكنكِ فقتِ عليهن جميعًا.” كانت نعمة تعلم أن الجمال الزائل لا قيمة له، بل الخوف من الرب هو الذي يجعل المرأة تستحق المديح. كانت تبتسم وهي تسمع كلمات زوجها، وتعلم أن كل ما تفعله هو بتوفيق من الله.
كانت نعمة تعيش حياتها بتواضع وحكمة، وكانت تدرك أن كل ما لديها هو من عطايا الله. كانت تبدأ يومها بالصلاة، وتنهيه بالشكر. كانت تعلم أن الله يراقبها، ولهذا كانت تحرص على أن تكون أمينة في كل ما تفعله. كانت تزرع الخير في قلوب أولادها، وتعلمهم أن يحبوا الله ويخافوه.
وفي يوم من الأيام، عندما كبرت نعمة في السن، جمعت أولادها حولها وقالت لهم: “يا أولادي، الحياة ليست مجرد عمل وكد، بل هي أيضًا علاقة مع الله. خافوا الرب، واعملوا بجد، وافتحوا قلوبكم للفقير. هكذا تكونون مباركين.”
وماتت نعمة بسلام، تاركة وراءها إرثًا من الحكمة والعمل الصالح. وظل الناس في المدينة يتحدثون عنها لسنوات طويلة، ويذكرونها كمثال للمرأة الفاضلة التي خافت الرب وعملت بكل قلبها.
وهكذا، كانت نعمة تجسيدًا حيًا لما جاء في سفر الأمثال: “اِحْمَدُوهَا فِي الْبَابِ أَعْمَالَهَا، فَلْتُثْنِ عَلَيْهَا أَعْمَالُهَا فِي الْجَمَاعَةِ.”
وظلت قصتها تروى من جيل إلى جيل، لتذكير الناس بأن الخوف من الرب والعمل باجتهاد هما الطريق إلى البركة والحياة المليئة بالرضا.