في قديم الزمان، في أرض مليئة بالخيرات والبركات، كان هناك شعب يعيش تحت ظل محبة الله ورحمته. هذا الشعب، الذي اختاره الرب ليكون نورًا للأمم، كان يعيش في تسبيح دائم لله، لأنه عرف أن رحمة الله ثابتة إلى الأبد، وأن أمانته تدوم من جيل إلى جيل. وكانت هذه الحقيقة تُردد في قلوبهم وأفواههم، كما جاء في المزمور 117: “سبحوا الرب يا جميع الأمم، حمدوه يا جميع الشعوب. لأن رحمته قد قويت علينا، وأمانة الرب إلى الأبد.”
في أحد الأيام، اجتمع الشعب في ساحة القرية الكبيرة، حيث كانوا يعتادون الاجتماع للصلاة والتسبيح. كانت الشمس تشرق بلون ذهبي، تلمع على وجوه الأطفال والشيوخ الذين جاءوا ليقدموا الشكر لله. كان الهواء يعبق برائحة الأزهار التي تفتحت مع بداية الربيع، وكأن الطبيعة نفسها تشاركهم التسبيح.
وقف الشيخ إيليا، وهو رجل حكيم ومحترم بين الشعب، في وسط الجمع ورفع يديه نحو السماء. كانت عيناه تلمعان بالإيمان العميق، وصوته يرتفع بثقة: “يا رب، أنت الذي خلق السماوات والأرض، أنت الذي أظهرت لنا رحمتك في كل يوم من أيام حياتنا. نحن هنا اليوم لنشكرك ونسبحك، لأن رحمتك لا تُقاس، وأمانتك لا تنتهي.”
ثم بدأ الشعب يرددون معه: “سبحوا الرب يا جميع الأمم، حمدوه يا جميع الشعوب!” وكانت أصواتهم تملأ المكان، تتصاعد كالبخور العطر إلى السماء. الأطفال كانوا يرقصون بفرح، والشباب يرفعون أيديهم بالصلاة، والنساء يغنّين بأصوات عذبة. كان الجميع يشعرون بوجود الله بينهم، كأنه يقف في وسطهم، يباركهم ويشجعهم.
وفي تلك اللحظة، تذكر الشعب كيف أن الله كان معهم في كل الأوقات. تذكروا أيام الجفاف عندما أرسل الله المطر ليروي الأرض العطشى. وتذكروا أيام الحرب عندما حماهم من أعدائهم. وتذكروا أيام المرض عندما شفى مرضاهم. كانت رحمة الله دائمًا تظهر في أصعب الأوقات، وأمانته كانت كالجبال الراسخة، لا تتزعزع.
ثم وقفت امرأة شابة تدعى مريم، وكانت معروفة بحكمة قلبها وحبها لله. قالت بصوت واضح: “يا إخوتي، لقد رأينا رحمة الله في حياتنا كل يوم. ولكن دعونا لا ننسى أن ندعو جميع الشعوب لتسبيحه. لأن الله ليس إله إسرائيل فقط، بل هو إله كل الأمم. رحمته تشمل الجميع، وأمانته تصل إلى كل من يطلب وجهه.”
فاستجاب الشعب لندائها، وبدأوا يصلون من أجل الشعوب الأخرى، أن تعرف محبة الله ورحمته. صلوا من أجل أعدائهم، أن يفتح الله قلوبهم ليعرفوه. صلوا من أجل البعيدين، أن يجدوا الطريق إلى نور الله. وكانت صلواتهم تخرج من قلوب ممتلئة بالحب والرحمة، لأنهم عرفوا أن الله يريد أن يخلص الجميع.
وبينما كانوا يصلون، بدأت رياح لطيفة تهب على المكان، وكأنها تحمل صلواتهم إلى السماء. شعر الجميع بسلام عميق يملأ قلوبهم، وكأن الله نفسه كان يرد عليهم: “أنا معكم، ورحمتي ستكون معكم إلى الأبد.”
وعندما انتهى الاجتماع، عاد كل شخص إلى بيته، ولكنهم حملوا معهم فرحًا جديدًا وإيمانًا أقوى. كانوا يعرفون أن الله، الذي رحمته قوية وأمانته دائمة، سيكون معهم في كل خطوة من حياتهم. وعاهدوا أنفسهم أن يسبحوا الله كل يوم، وأن يشاركوا محبته مع كل من يقابلونهم.
وهكذا، أصبحت كلمات المزمور 117 حية في قلوبهم: “سبحوا الرب يا جميع الأمم، حمدوه يا جميع الشعوب. لأن رحمته قد قويت علينا، وأمانة الرب إلى الأبد.” وكانت هذه الكلمات تذكرهم دائمًا أن الله، الذي خلق الكون بكل جماله، هو إله محبة ورحمة، يستحق كل تسبيح وتمجيد.