الكتاب المقدس

الوصايا العشر: عهد الله مع بني إسرائيل

في الأيام القديمة، عندما كان بنو إسرائيل قد خرجوا من أرض مصر، تجمعوا عند سفح جبل حوريب، حيث كان الرب قد اختار أن يكلمهم. كان الجبل يشتعل بنار عظيمة، والدخان يتصاعد إلى السماء كعلامة على حضور الرب القدوس. وكان صوت الرب قويًا ورعديًا، حتى أن الشعب ارتعد خوفًا من عظمة الله.

وقف موسى، النبي الأمين، بين الرب والشعب، ليكون وسيطًا بينهم. وكان الرب قد دعا موسى إلى قمة الجبل ليعطيه الوصايا العشر، التي ستكون أساس العهد بين الله وشعبه. نزل موسى من الجبل، ووجهه يشع بالنور من لقائه مع الرب، وجمع الشعب ليسمعوا كلام الله.

بدأ موسى يتكلم بصوت واضح وقوي: “اسمع يا إسرائيل، أنا الرب إلهك، الذي أخرجك من أرض مصر، من بيت العبودية. لا يكن لك آلهة أخرى أمامي.” كانت كلمات الرب تملأ الجو بقداستها، وكأنها تلامس قلوب الجميع. كان الشعب واقفًا في صمت تام، يسمعون كل كلمة بتركيز شديد.

ثم تابع موسى: “لا تصنع لك تمثالًا منحوتًا، ولا صورة ما مما في السماء من فوق، ولا مما في الأرض من تحت، ولا مما في الماء من تحت الأرض. لا تسجد لهن ولا تعبدهن، لأني أنا الرب إلهك، إله غيور، أفتقد ذنوب الآباء في الأبناء إلى الجيل الثالث والرابع من الذين يبغضونني، وأصنع إحسانًا إلى ألوف من الذين يحبونني ويحفظون وصاياي.”

كانت الكلمات تتردد في أرجاء المكان، وكأنها تلامس كل قلب وضمير. ثم أضاف موسى: “لا تنطق باسم الرب إلهك باطلًا، لأن الرب لا يبرئ من نطق باسمه باطلًا.” كان الشعب يشعر بثقل هذه الوصية، فهم يعلمون أن اسم الرب مقدس ولا يجوز الاستهانة به.

ثم جاءت الوصية الرابعة: “احفظ يوم السبت لتقدسه، كما أمرك الرب إلهك. ستة أيام تعمل وتصنع جميع عملك، وأما اليوم السابع ففيه سبت للرب إلهك. لا تصنع عملاً ما، أنت وابنك وابنتك وعبدك وأمتك وثورك وحمارك وكل بهائمك، ونزيلك الذي داخل أبوابك، لكي يستريح عبدك وأمتك مثلك. واذكر أنك كنت عبدًا في أرض مصر، فأخرجك الرب إلهك من هناك بيد شديدة وذراع ممدودة. لذلك أمرك الرب إلهك أن تعيّد يوم السبت.”

كانت هذه الوصية تذكرهم بنعمة الله التي أخرجتهم من العبودية إلى الحرية، ومن الظلام إلى النور. ثم تابع موسى: “أكرم أباك وأمك، كما أمرك الرب إلهك، لكي تطول أيامك، ولكي يكون لك خير على الأرض التي يعطيك الرب إلهك.”

ثم جاءت الوصية السادسة: “لا تقتل.” كانت الكلمة بسيطة لكنها قوية، تذكرهم بقداسة الحياة التي منحها الله. ثم الوصية السابعة: “لا تزنِ.” كانت هذه الوصية تحمي قداسة العلاقات الزوجية والعائلة. ثم الوصية الثامنة: “لا تسرق.” كانت تذكرهم باحترام ملكية الآخرين وعدم الاعتداء عليها.

ثم جاءت الوصية التاسعة: “لا تشهد على قريبك شهادة زور.” كانت هذه الوصية تؤكد على أهمية الحق والعدل في المجتمع. وأخيرًا، الوصية العاشرة: “لا تشتهِ بيت قريبك، ولا تشتهِ امرأة قريبك، ولا عبده، ولا أمته، ولا ثوره، ولا حماره، ولا شيئًا مما لقريبك.”

كانت هذه الوصايا العشر تشكل دستورًا إلهيًا لحياة مقدسة ومباركة. وبعد أن أنهى موسى كلام الرب، ارتعد الشعب من عظمة الكلمات التي سمعوها. فقالوا لموسى: “تكلم أنت معنا فنسمع، ولا يتكلم معنا الله لئلا نموت.”

فأجابهم موسى: “لا تخافوا، لأن الله قد جاء ليمتحنكم، ولتكون مخافته أمام وجوهكم لكي لا تخطئوا.” ثم وقف الشعب بعيدًا، بينما اقترب موسى من السحاب الكثيف حيث كان الله.

وهكذا، في ذلك اليوم، أعلن الرب وصاياه لشعبه، ليكونوا شعبًا مقدسًا، مكرسًا له. وكانت هذه الوصايا تذكيرًا دائمًا بمحبة الله وعدله، ودعوة ليعيشوا بحسب مشيئته، فيقدسوا اسمه ويحفظوا عهده.

LEAVE A RESPONSE

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *