في الأيام القديمة، عندما كانت مملكة إسرائيل ومملكة يهوذا تعيشان في حالة من التمرد والخطيئة ضد الله، جاءت كلمة الرب إلى ميخا المورشتي في أيام يوثام وآحاز وحزقيا، ملوك يهوذا. وكانت الرؤيا التي رآها عن السامرة وأورشليم، مدينتي الخطيئة والكبرياء.
بدأ الرب يتكلم مع ميخا بصوت عظيم، كصوت الرعد الذي يهز الجبال، وقال: “اسمعوا أيها الشعوب جميعًا. أصغِ يا أرض وكل ما فيها، وليكن السيد الرب شهيدًا عليكم، السيد من هيكله القدوس.” كانت كلمات الرب تملأ الجو بجلاله، وكأن السماء والأرض كانتا تترقبان دينونته العادلة.
ثم نزل الرب من مكان قدسه، من عليائه، حيث يسكن في نور لا يُدرك. نزل ليدين شعبه، ليكشف عن خطاياهم التي ارتكبوها في الخفاء. كانت خطوات الرب تهز الأرض، وتجعل الجبال تذوب تحت قدميه كالشمع أمام النار، والوديان تنشق كالماء المنحدر من الأعالي. كل هذا بسبب ذنب يعقوب، وخطيئة بيت إسرائيل.
صعد ميخا إلى مكان مرتفع لينظر إلى السامرة، المدينة العظيمة التي كانت عاصمة مملكة إسرائيل الشمالية. كانت السامرة مدينة غنية، مليئة بالقصور الفاخرة والتماثيل المنحوتة، لكنها كانت أيضًا مليئة بالشر والفساد. قال الرب: “ما هو ذنب السامرة؟ أليست هي المرتفعات التي فيها يعبدون الأصنام؟ كل تماثيلها المنحوتة ستتحول إلى أكوام من الحجارة، وكل كنوزها ستُنهب وتُحرق بالنار.”
ثم توجه الرب بحديثه إلى يهوذا، وقال: “لأني سأجلب كارثة على يهوذا أيضًا، وسأدمر أورشليم، المدينة العظيمة التي كانت تُدعى مدينة الله.” كانت أورشليم، المدينة المقدسة، قد أخطأت هي الأخرى، فتحولت من مدينة العدل إلى مدينة الظلم، ومن مدينة السلام إلى مدينة العنف. كان الرب يحزن على شعبه، لكن عدله يقتضي أن يعاقبهم على شرورهم.
بدأ ميخا يبكي وينوح، لأنه رأى ما سيحدث لشعبه. قال: “لأن جرح يهوذا مؤلم جدًا، وقد وصل إلى باب شعبي، إلى أورشليم.” كانت دموع ميخا تختلط مع صرخات الحزن، وكأنه كان يرى بالفعل الدمار الذي سيحل على المدن والقرى. قال: “لا تفرحوا في بيت عفرة، لأنكم ستُطرحون في التراب. لا تفتخروا في شافير، لأنكم ستُجرون عراة ومخزيات. ولن تعود تسكان في زانان، لأنكم ستصرخون من الألم.”
كانت كل مدينة تذكرها ميخا ترمز إلى خطيئة معينة. بيت عفرة، التي تعني “بيت التراب”، كانت ترمز إلى التواضع الكاذب الذي سيُطرح في التراب حقًا. شافير، التي تعني “الجمال”، كانت ترمز إلى الفخر الذي سيُفضح. زانان، التي تعني “الخروج”، كانت ترمز إلى الهروب الذي لن يكون ممكنًا. كانت كل كلمة من كلمات ميخا تحمل في طياتها دينونة الرب.
ثم قال ميخا: “لأن جرح يهوذا لا يُشفى، بل امتد إلى أورشليم.” كانت دينونة الرب قاسية، لكنها عادلة. كان الرب يريد أن يعيد شعبه إليه، لكنهم رفضوا أن يسمعوا. فاضطر أن يستخدم العصا لتأديبهم، حتى يعودوا إليه بقلوب منكسرة.
في النهاية، كان ميخا يصرخ بصوت عالٍ: “اجعلوا لكم حِلية من الحزن، لأن الدينونة قريبة. الرب سوف يأتي كالنار التي تلتهم كل شيء، ولن يترك شيئًا إلا ويحرقه.” كانت كلمات ميخا تذكر الشعب بأن الرب قدوس ولا يمكن أن يتسامح مع الخطيئة إلى الأبد.
وهكذا، كانت نبوة ميخا تحذيرًا قويًا لشعب إسرائيل ويهوذا. كانت تذكيرًا بأن الرب يحب شعبه، لكنه أيضًا عادل وقدوس. وكانت دعوة للتوبة، قبل أن تأتي الدينونة وتفني كل شيء. لكن، للأسف، لم يسمع الشعب، واستمروا في طرقهم الشريرة، حتى جاءت الدمار الذي تنبأ عنه ميخا.