الكتاب المقدس

عهد الملك آحاز: ابتعاد عن الرب واتكال على البشر

في الأيام التي كانت فيها مملكة يهوذا تحت حكم الملك آحاز بن يوثام، حدثت أمور عظيمة وكثيرة، وكانت تلك الأيام مليئة بالتحديات والاختبارات. كان آحاز ملكًا لم يسر في طريق الرب، بل سار في طرق ملوك إسرائيل، بل وفعل ما هو أسوأ من ذلك. فقد أضل شعبه بعبادة الأصنام وتقديم الذبائح على المرتفعات، وتحت كل شجرة خضراء، بل إنه ذهب إلى أبعد من ذلك، إذ قدم ابنه محرقةً للأصنام، مخالفًا بذلك كل وصايا الرب التي أعطاها لموسى على جبل سيناء.

وفي تلك الأيام، صعد رصين ملك أرام وفقح بن رمليا ملك إسرائيل لمحاربة أورشليم. فحاصروا المدينة، ولكنهم لم يستطيعوا أن يهزموا آحاز. ومع ذلك، ارتعد قلب آحاز خوفًا من هذين الملكين، فبدلاً من أن يلجأ إلى الرب ويطلب معونته، اتجه إلى طرق البشر وحكمته الأرضية. فأرسل آحاز رسلاً إلى تغلث فلاسر ملك أشور، قائلاً: “أنا عبدك وابنك. اصعد وخلصني من يد ملك أرام ومن يد ملك إسرائيل اللذين قد قاما عليَّ.”

ولكي يضمن آحاز دعم تغلث فلاسر، أخذ فضةَ بيت الرب وذهبَ خزائنه وأرسلها هديةً إلى ملك أشور. فاستجاب تغلث فلاسر لطلب آحاز، وصعد إلى دمشق وأخذها وسبى أهلها إلى قير، وقتل رصين ملك أرام. وهكذا، نجح آحاز في التخلص من رصين، ولكن ثمن ذلك كان باهظًا، إذ أصبح تابعًا لملك أشور، وأخذ يدفع الجزية له.

وبعد أن عاد آحاز إلى أورشليم، رأى مذبحًا في دمشق أعجبه، فأرسل رسماً له إلى أوريا الكاهن، وأمره أن يبني مذبحًا مثله في بيت الرب. فبنى أوريا المذبح حسب كل ما أمره به آحاز، وقام الملك بتقديم ذبائح عليه. بل إن آحاز أمر بنقل مذبح النحاس الذي كان أمام بيت الرب إلى جانب المذبح الجديد، واستخدمه لأغراضه الشخصية. وهكذا، دنس آحاز بيت الرب بتغيير ترتيبه المقدس وإدخال عبادة غريبة إليه.

ولم يكتفِ آحاز بذلك، بل قام بتغييرات أخرى في هيكل الرب. فقد قطع أطراف القواعد النحاسية، ونزع عنها المراحض، وأنزل البحر النحاسي عن الثيران النحاسية التي تحته، ووضعه على أساس من حجارة. كما أزال الرواق الملكي الذي كان في بيت الرب، والمدخل الخارجي للملك، من أجل ملك أشور. كل هذه التغييرات كانت لإرضاء ملك أشور وإظهار الخضوع له، بدلاً من الخضوع للرب.

وهكذا، كان آحاز ملكًا لم يثق بالرب، بل اتكل على قوة البشر وحكمتهم. ولم يكتفِ بذلك، بل أضل شعبه بعبادات غريبة ودنس بيت الرب. ومع كل هذه الخطايا، لم يتب آحاز أو يرجع إلى الرب، بل استمر في طريقه الشرير حتى يوم وفاته.

وفي النهاية، مات آحاز ودفن مع آبائه في مدينة داود، وملك ابنه حزقيا عوضًا عنه. وهكذا، تُركت أيام آحاز شاهدةً على خطورة الابتعاد عن الرب والاتكال على القوى الأرضية، وعلى أهمية السير في طريق الرب بقلب مخلص وخاضع.

LEAVE A RESPONSE

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *