الكتاب المقدس

رؤية إشعياء عن دينونة أدوم وعدل الرب

في الأيام القديمة، عندما كانت الأمم تتقاتل والشر يملأ الأرض، تنبأ إشعياء النبي بكلمة الرب التي جاءت إليه برؤية عظيمة عن دينونة الأمم وعن يوم الرب العظيم. كانت الرؤية عن أرض أدوم، التي كانت رمزًا للشر والعداء لشعب الله. فاستخدم النبي لغة قوية وصورًا حية ليصف ما سيحدث في ذلك اليوم الرهيب.

بدأ إشعياء حديثه بصوت عالٍ وواضح، قائلًا: “اقتربوا أيها الأمم واسمعوا، ولتصرخ شعوب الأرض! ليسمع كل من على الأرض، لأن غضب الرب قد اشتعل على كل الأمم، وسخطه على كل جيوشهم. قد حكم عليهم بالهلاك، وأسلمهم للذبح.” كانت كلمات النبي تتردد كالرعد، وكأن السماء والأرض ترتجفان من هول ما سيأتي.

ثم وصف إشعياء المشهد المرعب الذي سيحدث: “سيُقتلون بالسيف، وتُطرح جثثهم على الأرض. وتفوح رائحة موتاهم، وتجري دماؤهم كالنهر في الوديان. وتذوب الجبال من الدماء، وكل قوات السماء تتبدد.” كانت الصورة مروعة، كأن السماء تنزع ثوبها من النجوم، وتتلاشى الكواكب كالورقة الذابلة في النار.

وتابع النبي قائلًا: “لأن سيف الرب قد امتلأ دمًا، وقد شبع من الشحم، من دم الخراف والثيران، من شحم كلى الكباش. لأن للرب ذبيحة في بصرة، وذبحًا عظيمًا في أرض أدوم.” كانت أدوم، العدو اللدود لإسرائيل، ستُسلم للدمار، ولن يبقى فيها إلا الخراب والدماء.

ثم انتقل إشعياء لوصف الأرض بعد الدمار: “وتنزل وحوش البرية إلى أرض أدوم، وتسكنها طيور البوم والغربان. ويُمد عليها خيط الخراب، وتُقاس بالمسطرة للدمار. فلا يبقى فيها إلا القنافذ والثعالب، وتصير مسكنًا للحيوانات المفترسة.” كانت الأرض التي كانت يومًا ما عامرة بالحياة، ستتحول إلى صحراء موحشة، لا يسكنها إلا الحيوانات البرية.

وتحدث النبي عن القضاء الإلهي الذي سيحل على أدوم: “وتصير قصورها خربة، وأسوارها متهدمة، وأبوابها محطمة. فلا يبقى فيها إلا الصراخ والعويل، ولا يُسمع فيها إلا صوت الريح التي تعوي عبر الخراب.” كانت أدوم، التي كانت تفتخر بقوتها وثرائها، ستسقط تحت ضربة الرب القاضية.

ثم ختم إشعياء رؤيته بكلمات تملأها اليقين: “لأن الرب قد تكلم، وكلمته لا ترجع فارغة. فكما أن السماء والأرض تزولان، هكذا كلمة الرب تثبت إلى الأبد.” كانت هذه النبوة تذكيرًا بأن دينونة الرب ستأتي حتمًا، وأن كلمته هي السلطة العليا التي تحكم الكون.

وهكذا، عبر إشعياء النبي، أعلن الرب عن دينونته العادلة على الأمم الشريرة، وعن انتصاره النهائي على كل قوى الشر. وكانت هذه الرؤية تذكيرًا لشعب الله بأن الرب هو الحاكم الأعلى، وأنه سيحقق العدل في النهاية، مهما طال الزمن.

LEAVE A RESPONSE

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *