الكتاب المقدس

بولس يبني الكنيسة على أساس المسيح في كورنثوس

في مدينة كورنثوس، حيث كانت الكنيسة الناشئة تكافح من أجل النمو في الإيمان، كتب الرسول بولس رسالة مليئة بالنصائح والتعاليم الروحية. وفي الأصحاح الثالث من رسالته الأولى إلى أهل كورنثوس، تناول بولس قضية الخلافات والانقسامات التي كانت تهدد وحدة الكنيسة. كانت الرسالة تهدف إلى تذكير المؤمنين بأنهم جميعًا خدام لله، وأن العمل الروحي يجب أن يُبنى على أساس متين، وهو يسوع المسيح.

بدأ بولس حديثه بقوله: “وَأَنَا أَيُّهَا الإِخْوَةُ لَمْ أَسْتَطِعْ أَنْ أُكَلِّمَكُمْ كَأُنَاسٍ رُوحِيِّينَ، بَلْ كَأُنَاسٍ جَسَدِيِّينَ، كَأَطْفَالٍ فِي الْمَسِيحِ.” كان بولس يشير إلى أن المؤمنين في كورنثوس كانوا لا يزالون في مرحلة النضج الروحي، ولم يستطيعوا بعد أن يفهموا التعاليم العميقة للإيمان. كانوا يتنازعون حول من هو الأعظم بينهم: هل هو بولس أم أبولّس؟ ولكن بولس أوضح لهم أن الخدام هم مجرد أدوات في يد الله، وأن الله وحده هو الذي يُنمي العمل الروحي.

ثم استخدم بولس تشبيهًا زراعيًا ليوضح فكرته: “أَنَا غَرَسْتُ وَأَبُلُّوسُ سَقَى، لكِنَّ اللهَ كَانَ يُنْمِي.” كان بولس يشير إلى أن دوره ودور أبولّوس كانا مكملين لبعضهما البعض، ولكن النمو الروحي الحقيقي يأتي من الله وحده. فكما أن المزارع يزرع البذور ويسقيها، لكن الله هو الذي يجعلها تنمو وتثمر، هكذا أيضًا العمل الروحي في الكنيسة.

ثم انتقل بولس إلى تشبيه آخر، وهو تشبيه البناء. قال: “فَحَسَبَ نِعْمَةِ اللهِ الْمُعْطَاةِ لِي، كَبَنَّاءٍ حَكِيمٍ وَضَعْتُ الأَسَاسَ، وَآخَرُ يَبْنِي عَلَيْهِ. وَلكِنْ لِيَنْظُرْ كُلُّ وَاحِدٍ كَيْفَ يَبْنِي عَلَيْهِ.” كان بولس يشير إلى أن الأساس الذي وضعه هو يسوع المسيح، وأن كل من يبني على هذا الأساس يجب أن يكون حريصًا على نوعية المواد التي يستخدمها. فبعضهم يبني بالذهب والفضة والأحجار الكريمة، بينما يبني آخرون بالخشب والقش والتبن. ولكن في يوم الدينونة، ستُختبر كل أعمالهم بالنار، فما كان قيمًا سيصمد، وما كان تافهاً سيحترق.

ثم ختم بولس حديثه بتذكير المؤمنين بأنهم هيكل الله، وأن روح الله يسكن فيهم. قال: “أَمَا تَعْلَمُونَ أَنَّكُمْ هَيْكَلُ اللهِ، وَأَنَّ رُوحَ اللهِ يَسْكُنُ فِيكُمْ؟ إِنْ كَانَ أَحَدٌ يُفْسِدُ هَيْكَلَ اللهِ، فَسَيُفْسِدُهُ اللهُ، لأَنَّ هَيْكَلَ اللهِ مُقَدَّسٌ، الَّذِي أَنْتُمْ هُوَ.” كان بولس يحذرهم من أن أي انقسام أو خلاف في الكنيسة يُفسد هيكل الله، ويحثهم على الحفاظ على الوحدة والقداسة.

وهكذا، كانت رسالة بولس إلى أهل كورنثوس تذكيرًا قويًا بأن العمل الروحي يجب أن يُبنى على أساس متين، وهو يسوع المسيح، وأن الخدام هم مجرد أدوات في يد الله. كما حثهم على الحفاظ على وحدة الكنيسة وعدم الانجرار وراء الخلافات والانقسامات، لأنهم هيكل الله وروحه يسكن فيهم.

LEAVE A RESPONSE

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *