في الأيام الأولى للكنيسة، اجتمع الرسل والمشايخ في أورشليم ليناقشوا أمرًا هامًا يتعلق بالإيمان الجديد. فقد كان بعض المؤمنين من الفريسيين يقولون للأمم الذين آمنوا بالمسيح إنه يجب عليهم أن يختتنوا حسب ناموس موسى حتى يخلصوا. هذا الأمر أثار جدلاً كبيرًا، فقرر الرسل أن يجتمعوا معًا ليحلوا هذه القضية.
كان الجو في أورشليم مشحونًا بالحماس والروحانية. اجتمع الرسل والمشايخ في قاعة كبيرة، حيث كانت الشمس تشرق من النوافذ العالية، مضيئةً وجوه الحاضرين الذين كانوا يتحاورون بجدية. بطرس، الذي كان قد اختبر بنفسه كيف أن الله أعطى الروح القدس للأمم كما أعطاه لليهود، وقف ليخاطب الجميع. قال بصوته القوي والواثق: “أيها الإخوة، أنتم تعلمون أنه منذ الأيام الأولى اختار الله بيننا أن يسمع الأمم بكلام الإنجيل ويؤمنوا. والله الذي يعرف القلوب شهد لهم، معطياً إياهم الروح القدس كما أعطانا أيضًا. ولم يميز بيننا وبينهم، بل طهر قلوبهم بالإيمان. فالآن، لماذا تجربون الله بوضع نير على عنق التلاميذ لم يستطع آباؤنا ولا نحن أن نحمله؟ لكننا نؤمن أننا نخلص بنعمة الرب يسوع المسيح، كما هم أيضًا.”
ساد الصمت في القاعة بعد كلام بطرس، ثم بدأ بولس وبرنابا يخبران الجميع عن الآيات والعجائب التي عملها الله بين الأمم من خلال خدمتهما. كان الجميع يصغون بانتباه، ووجوههم تعكس دهشة وفرحًا لسماع كيف أن الله يعمل بقوة بين الشعوب الأخرى.
ثم وقف يعقوب، أخو الرب، ليقدم كلمته. قال: “أيها الإخوة، اسمعوا لي. لقد أخبرنا سمعان كيف افتقد الله الأمم لأخذ شعب له منهم. وهذا يتوافق مع أقوال الأنبياء، كما هو مكتوب: ‘بعد هذا أرجع وأبني أيضًا خيمة داود الساقطة، وأبني أيضًا ردمها وأقيمها، لكي يطلب الباقون من الناس الرب، وجميع الأمم الذين دُعي اسمي عليهم، يقول الرب الصانع هذا.’ لذلك أنا أرى ألا نثقل على الذين يرجعون إلى الله من الأمم، بل نكتب إليهم أن يمتنعوا عن نجاسات الأصنام، والزنى، والمخنوق، والدم. لأن موسى منذ الأجيال القديمة له من يكرز به في كل مدينة، إذ يُقرأ في المجامع كل سبت.”
وافق الجميع على رأي يعقوب، فقرروا أن يرسلوا رسالة مع بولس وبرنابا إلى الأمم الذين آمنوا في أنطاكية وسورية وكيليكية. كتبوا في الرسالة: “من الرسل والمشايخ والإخوة، إلى الإخوة الذين من الأمم في أنطاكية وسورية وكيليكية، سلام. إذ قد سمعنا أن أناسًا خرجوا من عندنا وأقلقوكم بكلامهم، مزعزعين أنفسكم، قائلين أن تختتنوا وتحفظوا الناموس، الذين نحن لم نأمرهم، رأينا ونحن مجتمعون أن نختار رجلين ونرسلهما إليكم مع حبيبينا برنابا وبولس، رجلين قد بذلا أنفسهما لأجل اسم ربنا يسوع المسيح. فأرسلنا يهوذا وسيلا، وهما يخبرانكم بهذا عينه شفاهًا. لأنه قد رأى الروح القدس ونحن أن لا نضع عليكم ثقلًا أكثر غير هذه الأشياء الواجبة: أن تمتنعوا عما ذُبح للأصنام، وعن الدم، وعن المخنوق، وعن الزنى. التي إن حفظتم أنفسكم منها فنعما تفعلون. كونوا معافين.”
فخرج بولس وبرنابا مع يهوذا وسيلا إلى أنطاكية، حيث اجتمعوا مع الكنيسة وسلموهم الرسالة. عندما قرأوها، فرح الجميع بالتعزية التي حملتها الكلمات. وكان يهوذا وسيلا، اللذان كانا أيضًا نبيين، يشجعان الإخوة بكلام كثير ويقويانهم.
وهكذا، بتوجيه من الروح القدس، تم حل هذا الخلاف، وواصلت الكنيسة نموها وانتشارها بين جميع الشعوب، مؤكدةً أن الخلاص هو بنعمة الرب يسوع المسيح، وليس بالأعمال الناموسية.