في الأيام القديمة، عندما كان بنو إسرائيل يتجولون في البرية بعد خروجهم من أرض مصر، كلم الرب موسى على جبل سيناء وأعطاه وصايا وعودًا لشعبه. وكانت هذه الكلمات مكتوبة في سفر اللاويين، الإصحاح السادس والعشرين، حيث وعد الرب شعبه ببركات عظيمة إذا سلكوا في طريقه وحفظوا وصاياه، ولكن حذرهم أيضًا من العقاب إن هم عصوا وأداروا ظهورهم له.
في البداية، تكلم الرب بصوت عظيم من فوق الجبل، وقال لموسى: “إذا سلكتم في فرائضي وحفظتم وصاياي وعملتم بها، فإني سأمنحكم بركات عظيمة. سأجعل المطر ينزل في وقته، والأرض تنتج غلتها، والأشجار تعطي ثمارها. ستأكلون خبزكم شبعانًا، وتسكنون في أرضكم آمنين. وسأمنحكم السلام، فلا تخافون من سيف أو عدو. وسأكون معكم، وأكون إلهكم، وأنتم تكونون شعبي.”
ثم واصل الرب كلامه، ووصف بركاته بتفصيل عجيب: “سأجعل الأرض تزدهر بالخير، والحقول تمتلئ بالقمح والعنب والزيتون. ستكون مواشيكم كثيرة، وتزداد قطعانكم وتتكاثر. سأبارك مخازنكم، وسيكون لديكم خير وفير في كل وقت. وسأجعل وجهي مقبلًا عليكم، وأسير بينكم، وأكون إلهكم، وأنتم تكونون شعبي المختار.”
لكن الرب، في حكمته، لم يكتفِ بالوعود فقط، بل حذر شعبه أيضًا من العواقب إن هم عصوا وكسروا عهده. فقال: “ولكن إن لم تسمعوا لي، ولم تعملوا بكل هذه الوصايا، وإن رفضتم فرائضي وكرهتم أحكامي، ولم تعملوا بكل وصاياي، بل نكثتم عهدي، فإني سأفعل بكم هذا: سأرسل عليكم رعبًا وضيقًا وأمراضًا تأكل أجسادكم. ستزرعون بذوركم عبثًا، لأن أعداءكم سيأكلونها. وسأجعل وجهي ضدكم، فتسقطون أمام أعدائكم، ويحكم عليكم مبغضوكم، وتهربون حين لا أحد يطاردكم.”
وتابع الرب كلامه بوصف مفصل للعقوبات التي ستأتي إن استمروا في العصيان: “إن لم ترتدوا بعد هذا كله، بل استمررتم في عصيانكم، فإني سأزيد تأديبكم سبعة أضعاف بسبب خطاياكم. وسأكسر كبرياء قوتكم، وأجعل سماءكم كالحديد، وأرضكم كالنحاس. وتفنى قوتكم عبثًا، لأن أرضكم لن تعطي غلتها، وأشجارها لن تثمر. وإن سلكتم معي بالعداوة، ولم تريدوا أن تسمعوا لي، فإني سأزيد ضرباتكم سبعة أضعاف حسب خطاياكم.”
ثم تكلم الرب عن أشد العقوبات، وهي السبي والشتات: “سأرسل عليكم وحوشًا تفترس أبناءكم ومواشيكم، وتقلل عددكم، وتخرب طرقكم. وإن لم ترتدوا بعد هذا، بل استمررتم في عصيانكم، فإني أنا أيضًا أسلك معكم بالغضب، وأؤدبكم سبعة أضعاف بسبب خطاياكم. وسأهدم مدنكم، وأخرب مقدساتكم، ولا أشم رائحة رضى من تقدمة عبادتكم. وسأجعل أرضكم خرابًا، وأعداءكم الذين يسكنون فيها يدهشون منها. وأجعل منكم شتاتًا بين الأمم، وأجرد سيفي وراءكم، فتكون أرضكم مقفرة، ومدنكم خربة.”
لكن الرب، في رحمته، لم يترك شعبه بلا رجاء. فبعد كل هذه التحذيرات، أعطاهم وعدًا بالعودة إذا تابوا ورجعوا إليه: “ومع ذلك، إذا اعترفوا بذنوبهم وذنوب آبائهم، وبخيانتهم التي خانوني بها، وسلكوا معي بالعداوة، حتى أني سلكت معهم بالغضب وجلبتهم إلى أرض أعدائهم، إذا تواضع قلبهم غير المختون، وقبلوا تأديب ذنوبهم، فإني أذكر عهدي مع يعقوب، وأذكر أيضًا عهدي مع إسحاق، وعهدي مع إبراهيم، وأذكر الأرض. وأكون لهم إلهًا، وهم يكونون لي شعبًا.”
وهكذا، كانت كلمات الرب في سفر اللاويين تذكيرًا قويًا لشعبه بأن الطاعة تجلب البركات، والعصيان يجلب العقاب. ولكن في النهاية، كان الرب دائمًا مستعدًا لاستقبالهم إذا رجعوا إليه بقلوب تائبة. وكانت هذه الكلمات ترددها الأجيال، لتعلم أن الرب إله رحيم وعادل، يحفظ عهده مع الذين يحفظون وصاياه.