في الأيام التي قاد فيها موسى بني إسرائيل عبر البرية، بعد خروجهم من أرض مصر، جاءت الأوامر من الرب لموسى بأن ينتقم من المديانيين بسبب فخاخهم التي نصبوها لبني إسرائيل، والتي أدت إلى خطيئة كبيرة في شعب الله. وكانت هذه الخطيئة مرتبطة بعبادة بعل فغور، التي جذبت الكثيرين من بني إسرائيل إلى الشرك والزنى.
فقال الرب لموسى: “انْتَقِمْ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ مِنَ الْمِدْيَانِيِّينَ، ثُمَّ تُلْحَقُ بِقَوْمِكَ.” فاستجاب موسى لأمر الرب، ودعا الشعب وقال لهم: “لِيُسَلِّحْ مِنْكُمْ رِجَالٌ لِلْقِتَالِ، فَيَكُونُونَ عَلَى مِدْيَانَ لِيُعْطُوا انْتِقَامَ الرَّبِّ فِي مِدْيَانَ.” فاختار موسى ألف رجل من كل سبط، أي اثني عشر ألف رجل، مسلحين للحرب، وأرسلهم تحت قيادة فينحاس بن ألعازار الكاهن، الذي كان يحمل معه الأواني المقدسة والأبواق للإعلان.
زحف الجيش الإسرائيلي نحو أرض مديان، وهناك اشتبكوا مع المديانيين في معركة ضارية. وكان الرب مع بني إسرائيل، فأعطاهم النصر على أعدائهم. فقتلوا كل ذكر من المديانيين، بما في ذلك ملوكهم الخمسة: أفي وحور ورعم وصور وحوبا. كما قتلوا بلعام بن بعور، الذي كان قد نصح المديانيين بإغواء بني إسرائيل.
بعد الانتصار، أحرق بنو إسرائيل كل مدن المديانيين ومخيماتهم، وأخذوا غنائم كثيرة من مواشٍ وأمتعة. وأسروا النساء والأطفال، وجلبوهم مع الغنائم إلى موسى وإلى المجتمع الإسرائيلي في السهل المواجه لأريحا.
ولكن موسى غضب عندما رأى أنهم أبقوا على النساء اللواتي كن سببًا في خطيئة بني إسرائيل. فقال لهم: “هَلْ أَبْقَيْتُمْ كُلَّ أُنْثَى حَيَّةً؟ هُنَّ كُنَّ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ بِحَسَبِ كَلاَمِ بَلْعَامَ سَبَبَ خَطِيَّةٍ لِلرَّبِّ فِي أَمْرِ فَغُورَ، فَكَانَ الْوَبَأُ فِي جَمَاعَةِ الرَّبِّ.” فأمر موسى بقتل كل ذكر من الأطفال، وكل امرأة عرفت رجلاً، ولكن أبقي على العذارى.
ثم قسم موسى الغنائم بين المحاربين وبقية الشعب، وأعطى جزءًا منها للرب كتقدمة. كما أمر بتنقية كل ما تم أخذه من الغنائم، سواء كان من معدن أو خشب أو جلد، ليكون طاهرًا أمام الرب.
وأخيرًا، قدم قادة الجيش تقدمة خاصة للرب من الذهب والمجوهرات التي جمعوها، كعلامة على شكرهم لله على النصر الذي منحهم إياه. ووضعوا هذه التقدمة في خيمة الاجتماع لتكون تذكارًا أمام الرب.
وهكذا تمت النقمة على المديانيين، وتعلم بنو إسرائيل درسًا عن قداسة الرب وضرورة الطاعة الكاملة لأوامره. وكانت هذه الأحداث تذكيرًا قويًا بأن الرب إله غيور، لا يتساهل مع الشرك والخطيئة، ولكنه أيضًا إله رحيم يمنح النصر لشعبه عندما يسيرون حسب وصاياه.